السودان الان

شعبي ام درمان .. الناس يستنشقون الملوثات

مصدر الخبر / جريدة الصحافة

تحقيق :منى عبدالله

يعتبر السوق الشعبي بام درمان أحد أكبر الأسواق بالبلاد إذ تتعدد أسباب وجهة الناس إليه؛ فإضافة إلى أن السوق يضم أكبر (ملجة) لسوق الخضر والفواكه بام درمان الكبرى بمحلياتها الثلاث فالسوق يعتبر أيضا ميناءً برياً يقصده المسافرون إلى كافة أنحاء البلاد كما يضم سوقا لمختلف بهيمة الأنعام وتوجد بالسوق محلات بيع المستلزمات والأثاثات والأبواب والشبابيك ومحلات الكهرباء والمغالق ومنتجات أعمال النجارة والحدادة إضافة إلى وجود المحلات الخاصة بالملبوسات وانتهاءً بالأثاثات المنزلية وعلى مقربة من السوق يوجد أحد أكبر المجمعات الصناعية التي تنتج مختلف السلع من مصانع كيماويات الصابون والجلسرين وانتهاءً بالصناعات الغذائية …. هذه الكثافة الضخمة تحتاج لكثير من الخدمات فكان أخطرها ما يتعلق بالغذاء .. مئات الأكشاك والمطاعم التي تقدم الطعام والعصائر للناس
هذا التباين الخدمي وما يصاحبه من حراك أحدث حالة من عبقرية الفوضى المحببة غير أنه أضر بالواقع البيئي بالسوق (الصحافة) في المساحة التالية تنقل بعضا من صور المشهد وبعض حديث لمنسوبي السوق من مختلف المهن وسبل كسب العيش .

تسرب مائي
عبدالله يونس الذي يعمل في إحدى الكافتيريات بالقرب من موقف البصات السفرية تحدث عن وجود تسرب في خط الإمداد المائي جعل المنطقة في حالة غرق دائم وباتت معيقة لحركة سير المواطنين والمركبات إضافة إلى انتشارالروائح غير المستحبة مما أثر على عمل أصحاب الكفتريات بسبب ابتعاد الزبائن؛ ويضيف عبدالله أنهم أبلغوا الجهات المسؤولة التي سارعت إلى معالجة التسرب ولكن أثر المياه مازال باقيا ومعوقا للطريق.
أيام محدودة للنظافة
ومن داخل الملجة شكا أحمد جبريل الذي ظل يعمل بالسوق منذ بداية التسيعنات الوضع قائلا : إن مجمل الأوضاع بالسوق غير مبشرة لأن تصاديق المحلية تقدر بحوالي ( 226 ) جنيه شهريا للشخص, وإضافة لذلك فإن عمليات النظافة لا تتم بصورة يومية ، فعمال النظافة يأتون في أيام محدودة في الأسبوع ما أدى إلى تراكم الأوساخ, وأشار جبريل إلى وجود سوق الخضار في شارع الأسلفت المؤدي إلى المستشفى الصيني ما ساهم في زيادة التدهور البيئي للسوق وبالإضافة إلى ضيق المساحة, وكشف جبريل أن مقر المحلية المؤقت بالقرب من المستشفى الصيني غير مناسب مطالبا بضرورة الإسراع في منح المحلية الجديدة لضمان صحة المواطن.
المحلية مجتهدة ولكن
يقول الحاج عبدالسميع أبراهيم الذي يعمل في أحد دكاكين الإجمالي إن البيئة في السوق الشعبي عامة تحتاج إلى إعادة نظر برغم جهود المحلية التي وصفها بأنها غير مقصرة وقد عالجت مشاكل عدة من قبل غير أن كثافة المتعاملين في السوق جعلت الموقف أكثر صعوبة مطالبا العاملين بالسوق بترقية سلوكهم الحضري والتزام النظام حتى تصير بيئة السوق الشعبي نظيفة وحضارية .
مواشٍ وتجارة عمومية
في سوق المواشي بالسوق الشعبي حدثني حسين العبيد عبد الحميد تاجر مواشي قائلا : إنه يعمل في هذه التجارة منذ فترة طويلة وله 15 سنة في هذا المكان ,مبينا أنهم لم يكونوا يعانون من ضيق الشارع لكنهم يعانون الأمرين منذ مجيئ تجار الشمام حتى ضاق الشارع في الاتجاه الغربي الذي كان مخصصا للمواشي وباتوا يعانون أكثر عند شراء مواشٍ جديدة ؛ وأضاف محدثي أن الحركة الشرائية ضعيفة جدا أو لا تتجاوز مبيعات اليوم (3 ) إضافة إلى ارتفاع قيمة الضرائب التي تفرضها المحلية وتقدر بـ (100) جنيه للرأس ,وذكر أن أسعار المواشي متفاوتة من ( 1400) إلى ( 2,500 ) جنيه .
موقع جيد ومطلوب تنظيم
في الجانب المخصص لأعمال الترحيلات والبصات السفرية جلسنا إلى رئيس مكتب سفريات القفاري سيف الدين كامل قسم الله الذي أوضح في حديثه أنه يعمل بالموقف الحالي بالسوق الشعبي منذ خمس سنوات عقب انتقاله من شركة نقل في مدينة الأبيض,أوضح سيف أن موقع المواصلات ممتاز لكن يحتاج إلى تنظيم خاصة عربات الملاكي التي تتواجد لفترات طويلة وبذلك فإنها تتسبب في إزدحام الموقف كما أن مدخل عربات الثورة ضيق كما شكا من تراكم الأوساخ فى كل الأوقات .
وأكد أنهم يواجهون ارتفاع الرسوم الضريبية ما يؤدي إلى زيادة تعرفة المواصلات السفرية كما إن المحلية تلزمهم برسوم النفايات شهريا وكثيرا ما يتم اقتياد من لم يدفعوا إلى النيابة .
وكشف سيف الدين عن مقترحات بترحيل موقف المواصلات إلى الحلفاية وبرأيه فإن نقله إلى الحلفاية يحدث حالة من المشقة لسكان الثورة وامبدة كما أن نقل الموقف يلحق ضررا بالغا بالسوق .
غير أن رئيس شركة دواء للنقل عبد العزيز محمد لا يرى بذلك إذ يقول إن موقع المواصلات بالسوق الشعبي ام درمان غير مناسب إذ يتسبب في معاناة الركاب وكل المتعاملين بالسوق مشيرا إلى إزدحام الركاب في أوقات الأعياد وفترات الإجازات التي تستمرة لمدة ثلاثة شهور .
شكراً للشرطة .. أخرجوا الأطفال
وثمن محمد الدور الكبير للشرطة نحو تأمين السوق من السرقات مشيرا إلى وجود عدد كبير من الصبية مطالبا بتكاتف الجميع لإيجاد حلول لإخراج الأطفال من كرش السوق وانتشالهم من الضياع خاصة المتشردين الذين يرى فيهم سببا مباشرا للخلل الأمني داخل السوق في ظل استغلالهم من قبل جهات أخرى لتنفيذ أغراضهم .
رئيس شركة الصداقة للنقل رمضان نصر الدين محمد قال: إن الموقف ليس في موقع استراتيجي وإن بيئة السوق الشعبي بامدرمان لا تحظى بأدنى اهتمام من الأجهزة المعنية التي تتعامل مع السوق بحالة من اللامبالاة مستدلا بتراكم الأوساخ والمياة الآسنة التي تسد الشوارع فى غير فصل الخريف وهو أمر بات معتادا في السوق الشعبي والاسوأ فى الأمر بائعات الشاي اللاتي يبعن الشاي بالقرب من دورات المياه مشيرا إلى كميات الخضر والفواكه التي يفترشها الباعة أرضا وبالقرب من مواقف المواصلات وأسفل عوادم السيارات وهناك صوالين الحلاقة التي لا يفصلها شيء عن المطاعم ما يتطلب ثورةً وأعمالا نحو إعادة النظر والتدخل من الجهات المسؤولة.
.كل شىء هنا
خلال تجولي بالسوق الشعبى اتجهت نحو الناحية الشمالية للسوق التي تحيط بها مثل مصانع الزيوت والصابون ومصانع الأحذية البلاستيكية ومصانع أكياس البلاستيك وغيرها من الأنواع وقبل دخولي المنطقة الصناعية التقيت المواطن موسى إبراهيم الذي يسكن بالثورة الحارة 15 بالقرب من المنطقة الصناعية قال: إن تلك المنطقة تسودها سحب هائلة ناتجة عن وجود المصانع وعملها خاصة في أوقات المساء، ويستنشق المواطنون رائحتها، وأوضح أن المصانع تخلف ورائها كميات كبيرة من المواد الكيميائية التي يصعب على الأرض تحليلها مما تسبب الأمراض للمواطنين وخاصة السرطانات بكل أنواعها، وأضاف أنهم كذلك يعانون من (الضوضاء) والإزعاج على مدار الأربع والعشرين ساعة مما يسبب لهم القلق وعدم الإرتياح والتوتر الدائم الذي يصيب سكان تلك المناطق التي تجاور تلك المصانع.
التقيت بالعم أبوسرجة الصادق صاحب مصنع الاسفنج الذي أشار إلى أن موقع المصنع لم يعد مناسبا إذ يشكل وجود السوق خطرا عليهم ، من جانبه أوضح فتحي عبد العزيز»فني في أحد المصانع أن موقع المصانع غير مناسب مضيفا أن غالبية المصانع تستعمل موادا خطرة ومضرة بصحة الإنسان، مثل الصودا التي تحتوى على نسبة عالية جدا من المواد الضارة بصحة الإنسان، وقال: إن المصانع تستخدم الصودا في الصابون بكميات محدودة ولكن إذا تم استخدامها بكميات عالية تؤدي إلى أضرار كبيرة لأنها مواد حارقة ,مضيفا أن مخلفات المصانع ضارة و يستمر أثرها حتى المستقبل ,منوها إلى التزام أصحاب المصانع بشروط السلامة للمواطنين حتى تضمن للمواطنين حياة سليمة.
وقال فتحي إبعاد المصانع عن مناطق السكن أفضل حتى لا يتضرر المواطن بالمخلفات التي تخلفها المصانع, مطالبا بتوفر مصارف جيدة للمياه والمواد التالفة حتى يمكن السيطرة عليها، وأن تكون المصانع بتهوية جيدة تضمن سلامة العاملين بها في المقام الأول، ولوجود المصانع بالقرب من السوق شدد فتحي على رفع مداخن المصانع حتى لا يتضرر المواطنون من الهواء الملوث.
إنتاج مواد ضارة
من جانبه لفت المعز عبد الكريم مراقب صالة في مصنع الأحذية البلاستيكية إلى أن بعض المصانع الموجودة بجوار السوق الشعبي تنتج موادا ضارة بصحة الإنسان والبيئة؛ رغم إن العاملين بالمصانع يتوخون الحذر حتى لا يعرضوا المواطنين والعمال للمخاطر غير إن بعض المصانع تقع تحت طائلة المخالفات القانونية إذ لا تلتزم بالقوانين ولا تستخدم الطرق الآمنه نحو معالجة مخلفاتها ، خاصة أن المصانع عموما تحتوى على مواد مسرطنة وضارة بالصحة لذلك يجب إبعاد المصانع عن مناطق السكن كما يجب وضع استراتيجية معينة للتخلص من بقايا المصانع الضارة وأوضح أن العمال في المصانع هم ضحايا المجتمعات لأنهم في الغالب يخرجون بأمراض يصعب علاجها.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع جريدة الصحافة

عن مصدر الخبر

جريدة الصحافة