الخرطوم – شُهدي نادر
أخيرًا، أُسدل الستار على (مهرجان الخرطوم لموسيقى العود)، على أنغام العوَّاد العراقي العالمي، نصير شمة، في ليلة وصفها نصير بـ(الاستثنائية)، وتأتي ضمن زيارته الثالثة للخرطوم خلال السنوات الماضية. ويقول شمة لـ(اليوم التالي)، إن تجربته المقدمة في الخرطوم شارك فيها عدد من الموسيقيين الكبار على مستوى العالم، مثل عازف الإيقاع البرازيلي الشهير (جاكسون).
حط نصير شمة رحاله بالسودان بعد أن توجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مؤخرًا، بلقب فنان (السلام)، يقول إن الموسيقى بإمكانها أن تكون علاجاً لأمراض يعاني منها الجسد العربي؛ فعبر الثقافة، عموماً، يمكن تشييد سياج حصين يبعد الشباب عن المخاطر التي تتربص به، كالمخدرات والإرهاب، ويجعله بمنأى عن الوقوع في شراك التطرف الذي يعاني منه العالم العربي، مبيناً أن (بيت العود) الذي أنشأه في كل من مصر والإمارات والعديد من البلدان العربية، شكّل درعا واقيا عبر الموسيقى التي انخرط في سلمها شباب كثر، وناشد الجهات المسؤولة في السودان بالسعي لإنزال مبادرة (بيت العود) في السودان إلى أرض الواقع، لتؤدي دورها وتسهم في دفع الحراك الموسيقي، أسوة ببيوت العود في البلدان الأخرى.
شهد مهرجان الخرطوم لموسيقى العود الذي ختم موسمه الثالث السبت، مشاركة واسعة من قبل الموسيقيين السودانيين، حيث شكل مركز (علي الزين الثقافي) مشاركة نالت استحسان الحضور، بالإضافة إلى عدد من الشباب السودانيين الذين تخرجوا في (بيت العود) بمصر، وقبل ذلك كله اختارت لحنة المهرجان الذي ترعاه (شركة دال) الفنان الموسيقار محمد الأمين شخصية المهرجان لهذا العام.. وشكر محمد الأمين عقب اختياره في كلمة مسجلة من مقر إقامته بالولايات المتحدة، الشركة على إقامتها للمهرجان للعام الثالث، وأكد أن الموسيقى السودانية رائدة وقديمة، وأن مستقبل العود في السودان زاهر؛ لأنه مرتكز على أساس متين كرَّست من أجله جهود شتى، وقال إن العوّادين في السودان عرفوا بالموهبة والقدرة على التماشي مع مدارس العود المختلفة.
ويقول العازف العالمي نصير شمة، إن فرقته اجتمعت لتقدم مقطوعات موسيقية من أجل دعم السلام وتعزيز ثقافته في وسط المجتمعات، مبيناً أن مدخله إلى جمع هؤلاء العازفين هو أن الجهود المبذولة سياسيًا لجمع الصف في كل الأقطار تأخر نجاحها، وظل متأرجحاً لكونها منقوصة، وفي أمس الحاجة إلى ما يشمر سواعدها بتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين وإشاعة قيم المحبة عبر الموسيقى، وبالنسبة إليه فإن ميدان الموسيقى يمثل نقطة التقاء تصهر توجهات عديدة في وعائها، رغم اختلافها في المجالات الأخرى، مبيناً أن الثقافة، على العموم، يمكنها أن تسهم في ردم الهوة بين كل الفرقاء وإعادة بناء ما هدمته الخلافات.
شمة الملقب في الأوساط الموسيقية بــ(زرياب الصغير)، يرى صورة الخرطوم مغايرة لما هو رائج عنها خارجياً، وأيضاً على غير ما يجري اليوم في عواصم عربية أخرى تتمزق وتملأ الدماء أزقتها، ويضيف: “للمرة الثالثة أزور الخرطوم وأجدها كالعادة، متألقة بمحبة أهلها وطيبتهم.. فهي في الحقيقة تبدو عكس ما يشاع عنها بأنها بلاد منكوبة بالحرب، وتعيش تحت وطأة العنف.. لذلك يبقى من الأهمية بمكان إقامة مثل هذه الفعاليات لتبديل الصورة المقلوبة وتوصيل الرسالة عبر الموسيقى المعزوفة من داخل الخرطوم.. وأتمنى أن تتمكن من إيصال صوتها الموسيقي إلى العالم ليصل معها كم السلام الموجود في السودان”، وقال: “أنا في انتظار انطباعات أعضاء فرقتي القادمين من قارات العالم المختلفة عن الخرطوم التي استقبلتهم بحب كبير”.
لم ينسَ نصير في ختام حديثه لـ(اليوم التالي)، أن يطالب شركات القطاع الخاص الاهتمام بالثقافة ودعم أنشطتها، أسوة بما يحدث في البلدان الكبرى، حيث إن الحكومات ترفع يدها عن دعم الفنون وتترك أمرها للقطاع الخاص لرعايتها والاعتناء بها، مثمناً دور (شركة دال) في رعايتها لهذه الفعالية، قبل أن يختم الليلة بمقطوعة أسماها (سلام السودان)، ودع بها الجمهور الغفير الذي اكتظ في الليلة الختامية.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي