السودان الان

القيادي بحزب المؤتمر إبراهيم الشيخ في حوار المال والسياسة :(طموحاتي تصل إلى رئاسة السودان)

مصدر الخبر / صحافسيون

بواسطة صحافسيون / *طموحاتي تصل إلى رئاسة السودان
*في السياسة هناك خيبات ولم أندم أني منحتها أجمل سنين العمر!
*شيدت سوق أم درمان بـ(15) مليون دولار وبعضهم يعرض عليَّ بيعه له بمليون فقط!
*العقار هو الابن البار لكنه استثمار بطيء وجبان!
*لم أقدر أن أبني أبنائي بالشكل المطلوب أو الذي أتمناه..
*سابقاً، كنت أشتغل عطاءات مع الحكومة لكن الآن مجرد التفكير في الأمر من الأشياء المحرمة!
رغم ثرائه وعيشه المُترف، لكنه تعرض لنكبات ألقت به في زنانين ضيقة مع مجرمين تشارك معهم أشهراً من الحياة القاسية.. يقول البعض إنه استفاد من أمواله في صناعة اسم في السياسة، غير أنه يرى أن التزامه بمبادئه وأخلاقه السياسية هي التي جعلت منه اسماً.. تفرغ “للبزنس” أكثر بعد تركه زعامة المؤتمر السوداني وهو بصدد إعادة فتح مصنع حديد كان قد أغلقه في وقت سابق، ومع ذلك طموحاته السياسية لم تنتهِ بل وصلت إلى حد زعامة السودان يوماً ما.
في حديث حول المال والسياسة، التقت به (السوداني) في الشهر الكريم قبل سفره خارج البلاد، فإلى ما أدلى به:
حوار: لينا يعقوب
*إبراهيم الشيخ يصوم رمضان بالخرطوم أو النهود؟ أم يفضل الصيام خارج السودان؟
الفترة الأطول من عمري صمتها في السودان متنقلاً بين الخرطوم والنهود، وفي فترات أخرى أسافر للعمرة (مكة ) وأحياناً أذهب للمدينة ، وأيضاً القاهرة وبين هذه المدن الخمس ظللت أتنقل لأربعين عاماً، ولكل مكان نكهته الخاصة.
*رمضان في ذهنك، هل يرتبط بأحداث معينة؟
رمضان يأتي بمسؤوليات كبيرة، وإحساس الناس به مختلف، رمضان يتيح لي فرصة الالتقاء بأناس ونماذج شتى من الناس أستمع لهم وأرى همومهم وهي أشياء لا أستطيع أن أجدها خلال العمل العام، وأنا في مكة والمدينة أرى أناساً مختلفين في طريقة حياتهم وتفكيرهم وملبسهم وأستفيد بالوقوف على هذه الأشياء.. في النهود أستمتع بفطور الشارع واللمة والحميمية غير الموجودة في الخرطوم.
*تترك العمل السياسي في رمضان وتأخذ إجازة؟
حينما كنت أميناً سياسياً ورئيس حزب لا أستطيع الابتعاد عن العمل السياسي لكن وأنا بعيد من الحزب وعضو مجلس مركزي لم أعد بذات المشغوليات ومتابعة الفعل ورد الفعل.
*ارتحت من زعامة الحزب السياسي، وأصبح لديك وقت، هل استثمرت وقتك في العمل الخاص؟
أخذتني رئاسة الحزب من العمل التجاري لدرجة أني أملك مصنع حديد قمت بإغلاقه في عام 2012 والآن بعد أن تخففت من أعباء العمل السياسي الثقيلة، أعدت فتح وتأهيل المصنع وطلبت خاماً من الخارج وأتوقع أن يأتينا خلال يومين، أما أسواق أم درمان الكبرى لم أكن أتابعها بشكل دقيق والآن لديّ مساحة أن أقف على السوق بنفسي.. كنت (غرقان) في العمل لدرجة أني لم أكن أرى أولادي كثيراً.
*لماذا لا توكل أناس لإدارة أعمالك.. لماذا تباشر أعمالك بنفسك؟
أنا أعمل في ثلاث جبهات.. التجارة في السجانة وأسواق أم درمان الكبرى، وأيضاً في الحديد.. في السجانة أجد من يقف على العمل وفي أسواق أمدرمان أيضاً هناك من يكفيني شر المتابعة اليومية، لكن المصنع لم أجد أحداً أوكل إليه المهمة لذا اضطررت لإغلاقه.
*المعروف أن مشروع أسواق أم درمان يستمر لمدة ثلاثين عاماً، بعدها يعود إلى الجامعة.. ما الذي تستفيد منه؟
المشروع خضع لدراسة جدوى وبالحساب المالي كانت المسألة مربحة وتحقق ثمن التكلفة في فترة وجيزة وبعد 15 سنة تصبح الأموال عائدات وأرباح لكن بكل أسف ما حدث أن السوق أُجِّرَ في العام الأول بشكل كامل من استأجر الدكاكين، أخذوا مفاتيحهم واختفوا ولم يزاولوا نشاطهم، وهي مسألة عجيبة لم أجد لها تفسيراً، ناس دفعوا إجارات كاملة واختفوا واضطررنا أن نلاحقهم بالقانون، السوق بدأ يتراجع والعائد محدود ولا يغطي إيجار السنة – مليار جنيه – المبلغ الذي يُدفع للجامعة، إلى الآن لم نستطع أن نرد كلفة الإنشاءات ولم يحقق العائد المرجو منه.. إن وجدت من يشتريه بشكله الراهن ويكون له علاقة جيدة مع السلطة سأفعل ذلك رغم أنه أسوأ خيار.. السوق شيدناه بـ15 مليون دولار، والآن بعضهم يعرض عليه بيعه له بمليون دولار فقط!
*ما أهمية المال للسياسي؟
هو مكمل وليس شيئاً أساسياً، لكن إن جمع السياسي بين المال والسياسة سيكون في ذلك معين كبير.. العمل السياسي في أوجه صرف كبيرة وموارد الأحزاب قليلة وشحيحة، الحزب لو عايز يعمل ندوة يكون محتاج لعشرين ألف جنيه ومحتاج لإيجار دور وتفريغ كادر.
*وماذا أيضاً؟
العمل السياسي يحتاج لتفرغ ولا يمكن أن يكون هناك موظف وشغال سياسي، إن فعل ذلك سيجد نفسه ممزقاً بين الاثنين، فالتوفيق صعب، أنا سياسي وموظف عام لمدة 16 سنة في الكهرباء.. المسألة فيها معاناة وخوف من سيف السلطة، سيكون هناك خلل في الأداء إما في وظيفتك أو عملك السياسي.
*صرف الحزب السياسي هل يقتصر على ما ذكرته فقط؟
حينما كنا نطوف في الأقاليم بشكل واسع وصريح، كان يستدعي ذلك تأجير عربات واستضافة أعداد كبيرة يكونون معك ليل نهار، محتاج أن توفر لهم خدمة وتستضيفهم بشكل لائق، المال إن لم يكن متوفراً للحزب أو لم يكن لديه قدرات كبيرة فلن ينجح كثيراً.
*أنت رجل ميسور في الحزب، لماذا لم تفكر في إنشاء استثمار يكون عائده للحزب فقط؟
كي أنشئ استثماراً شخصياً للحزب ستكون هناك حساسية دائماً بين المجموعة.. نحن خريجو مؤتمر الطلاب المستقلين تركيبتنا الأساسية لا تحتمل أن يكون هناك رجل واحد يصرف على الحزب أو أن تتصدى جهة للصرف وهو ما كان يشكل لنا هاجساً حتى لا يكون من يصرف على الحزب لديه اليد الطولى.
*هل ذلك يعني أنك لا تصرف على الحزب؟
لا.. بطبيعة المدرسة التي تخرجنا منها، وجود استثمار للحزب ظل هاجساً لكن لم تتوفر لنا الموارد.. ما توفر أن الحزب يضم أعداداً كبيرة من الخريجين “أطباء مهندسين زراعيين وغيرهم” وسافروا خارج السودان ووفروا عبر التبرعات المنتظمة أموال تسيير في الوقت الراهن.
*الحزب بعد أن تنحى منه إبراهيم الشيخ قل الصرف عليه؟
لا.. هذا غير صحيح، بل العكس.. من المؤتمر العام الأخير للحزب، الصرف العام تضخم لعشر أو عشرين مرة من الوقت الذي كان فيه إبراهيم الشيخ رئيساً للحزب، توفرت موارد ذاتية من عضوية الحزب والتي نشطت بعد أن نشط الحزب وصار ملء السمع والبصر.. أعداد كبيرة انخرطت في أروقة الحزب وأصبحت تساهم بالدولار والريال واليورو من مختلف الدول.. حتى جهاز الأمن يعلم ذلك، فحينما كنت معتقلاً في ديسمبر الماضي كان الجهاز يصر أنني أصرف الحزب وأخذت التحريات وقتاً حول مصادري المالية إلى أن تأكدوا من أين تأتي أموال الحزب.
*هل رجال الأعمال يخافون من السياسة لأنها قد تكبدهم خسائر مالية، أم العكس؟
طبعا هذا شيء طبيعي أن يخاف السياسي من وجود خسائر مالية، لن أكذب أو أدعي بطولات، لكن إيمان الشخص يكون أكبر من الخوف، وربما لأني أتيت من صفوف الحركة الطلابية وكنت كادراً سياسياً طلابياً، لم أكن أعيرُ أمر أن أفقر أو أخسر كثيراً، حقيقة كنت مهتمَّاً بأمر البلد أكثر.
*ألم تتعرض لمضايقات في عملك؟
تعرضت لمضايقات كثيرة في الضرائب، ومع المواصفات “عملوا معاي شربكة حول المصنع” وأيضاً في أسواق أم درمان تعرضت لحصار.. سوق مثل سوق أم درمان وبهذا الحجم تم خنقه وهو الآن يعاني ما يعاني، من قبل كنت أشتغل عطاءات مع الدولة في مناطق مختلفة، لكن الأمر الآن أصبح غير متاح وغير وارد حتى..
*ولا تفكر في إعادة العلاقات مع الحكومة؟
أبدا.. بل أصبح التفكير في الأمر من الأشياء المحرمة، أنا لا أقترب منهم.. لأني أعلم ممنوع الاقتراب والتصوير.
*أنت رجل أعمال ودخلت في تجارة واستثمارات مختلفة، ما هو الاستثمار الذي كان آمناً خالياً من الخطورة وحقق لك أرباحاً؟
ليس لأنها السياسة لكن في سنوات السوق الأولى، كان تجار السوق يقولون، العقار هو الابن البار، والعقار هو خط الدفاع الأخير باعتبار أن المال يذهب ويأتي، أما العقار صامد في مواجهة الزمن وتقلبات المال والسوق.. استماعاً لهذه النصيحة استثمرت في المال لفترة طويلة، وأحد أنواع عملي الحالي هو الاستثمار في العقار.
*إذن، تميل للاستثمار الآمن؟
هو استثمار بطيء وجبان لكنه آمن.. التجار يقولون إن رجل الأعمال يحتاج إلى خط دفاع أخير يلجأ له حينما تُغلق جميع الخطوط.. الآن لديَّ عدد كبير من العقارات ويحقق لي أرباحاً ولو “نمت في البيت ما بكون عندي مشكلة”.
*كونك رجلاً ثرياً وتم اعتقالك، فقد عانيت كثيراً، مثلاً في مشاركتك اللحاف مع آخرين في أجواء حارة، واستخدام حمامات غير مؤهلة وتناول أطعمة لم تعتد عليها.. ألم تشكل لك هذه الأوقات لحظات انكسار ومفارقة وتردد فيما تقوم به؟
أسوأ سجن ذهبت إليه كان سجن الفولة والنهود، كان شيئاً لا يوصف من حيث الإقامة والحمامات وكل شيء.. وحينما احتججت فرغوا لي زنزانة مترين في مترين وكانوا يعتقدون أنها أفضل مكان يمكن أن يليق بسجين لكنها كانت أسوأ مكان، أخرجوا مساجين محكوم عليهم بالإعدام وأحضروا سريراً أدخلوه في الزنزانة وطلبوا مني الدخول، أما الحمامات فكانت شيئاً فظيعاً.. وقد هددت وكيل النيابة الأعلى أني سأمتنع عن الطعام لو لم يتغير الحمام.. ووافق لكن حتى بعد التعديل كان سيئاً.
*هل كان الأسوأ؟
كوبر والأبيض والخرطوم وغيرها، كانت سجونهم أفضل.. كنا واحداً وأربعين سجيناً نستخدم حماماً واحداً لكن استطعت أن أُوطِّن نفسي.
*ألم تكن تتمنى الخروج بسبب الوضع المُزري؟
الخروج من السجن ليس برغبة المسجون.. جهة تسجنك وتخرجك، لكن للأمانة لم أتنازل عن شيء، ولو كنت تنازلت عن مبادئي لتنازلت في سجن الفولة أسوأ مكان في العالم، وكانوا يريدون مني اعتذار فقط لكني لم أفعل.
*هل تريد أن تقول إن إيمان السياسي ليس عرضة للضعف؟
أنا لا أريد أن أصور نفسي بطلاً، لكن الناس متباينة ودرجة الإيمان مختلفة والمقاومة والصمود مختلفة.. تتم في أحيان ممارسة ضغوط مختلفة، كنت موظف في الكهرباء وكنت أعتقد أن حياتي ستستمر كموظف فقط إلى أن أحال إلى المعاش بعد 65 سنة ولكن دخلت السوق ولاحقوني وفي النهاية. عمق الإيمانك بالقضية يوصل الإنسان إلى أماكن لم يكن يتوقعها.
*هل كان بإمكانك احتمال ذلك الوضع لفترة مفتوحة قد تمتد لسنوات؟
نعم.. خاصة بعد أن تم إطلاق سراحي بعد مائة يوم، حينها كنت مندهشاً، ومتخيلاً أن تطول الإقامة، لكن في مرات يسهل الله الأشياء من حيث لا ندري.
*أبرز لحظات ضعفك؟
في المرة الأخيرة وأنا في سجن كوبر، كنت أتذكر الأولاد وكنت أقول “إن كنت موجوداً مع ابني لفعلت له كذا، ولو كنت متوفراً بشكل أكبر مع ابني الآخر لعلمته كذا، وإن كنت متاحاً أكبر بدل من البهدلة والسجون والمعتقلات لكن أفضل لهم.. كنت في دوامة العمل السياسي لدرجة أني أهملت أشياء أكثر، وفي فترة وجودي في السجن كنت أفكر في أبنائي وعرفت أن هناك أشياء لم أستطع القيام بها، وكانت فترة تكوينهم الأساسي.
*لكنك وفرت لهم المال.. ألا تعتقد أنه يمكن أن يكون أحد مصادر السعادة؟
المال ليس أي شيء.. الأولاد لازم تبنيهم بحيث يستطيعوا أن يواجهوا الزمن.. لم أقدر أن أبني أبنائي بالشكل المطلوب أو الذي أتمناه.. إلى الآن أجد اهتمامهم بالكتاب والمعرفة ضعيفاً.. همومهم صغيرة ومحدودة وليست تلك الأشياء التي تمنيتها أن تكون فيهم.. البنات مختلفات عن الأولاد وهن أفضل بكثير.
*هل السعادة الخاصة قللت خيبتك السياسية؟
لم أندم أني اشتغلت في العمل السياسي فترة طويلة ومنحته أجمل سنين العمر، وفي العمل السياسي هناك خيبات كبيرة من أناس تظن فيهم كل الخير وتجد أنهم أبعد الناس عن ذلك.. لكن لا يوجد ندم لأنه إيمان ببلد وليس بأشخاص.
*ألم تندم لاتخاذك تصرفاً معيناً؟
لا أستحضر شيء معين، لكن كنت أتمنى لو أعددت أولادي بشكل مختلف عمن هم أمامي.
*تركت زعامة الحزب، ومع ذلك هل يمكن أن يكون طموحك أكبر، هل تطمح أن تكون مثلاً رئيساً للسودان؟
وارد بشكل كبير.
*طموح أم تفكير وسَعْي؟
العمل السياسي لمن يعمل به من خلال الحزب ينتهي إلى ذلك، إلى ممارسة السلطة، وهي نفسها جزء من إصلاح البلد، أكبر أداة للتغير هي أداة السلطة.

عن مصدر الخبر

صحافسيون