السودان الان السودان عاجل

هل سيتم الدخول تحت البند السابع ؟ تعقيدات الوقوف مع الجيش في الحرب ومخاطر انتصار الدعم السريع

مصدر الخبر / راديو دبنقا

لم تشهد الحرب الحالية بين الجيش والدعم السريع التي تفجرت في صبيحة 15 ابريل 2023 حماسا شعبيا ملموسا وقابلها الشارع بنوع من الفتور. موقف المتفرج المحايد هو الذي طبع بشكل ردود الفعل في وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الحوار السودانية.

شاب ذلك توجيه الكثير من اللوم للقوات المسلحة السودانية بأنها السبب في تمدد قوات الدعم السريع ومضاعفة اعداد افرادها وانتشارها في العديد من المدن السودانية وتركيز وجودها في العاصمة الخرطوم حول العديد من الأماكن الاستراتيجية. حدث كل ذلك في وقت كان فيه الشباب من لجان المقاومة يرددون في هتافاتهم ” العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” مشيرين بذلك لقوات الدعم السريع التي تم تقنينها من ميليشيات تنفذ المهام الوسخة لنظام البشير لجزء رسمي يتبع للقوات النظامية بموجب القانون.

والأهم من ذلك أن هذه الحرب جاءت لتقطع الطريق أمام المد الثوري المطالب بالديمقراطية والدولة المدنية.

والآن بعد قرب اكتمال الشهر الثاني من الحرب التي لم يستطع أي من الطرفين حسمها بشكل واضح لصالحه. يتضح ذلك من تناسبات القوة على الأرض، ومن محاولات الجيش تسليح المدنيين للمشاركة في القتال لحسم المعركة. ومثل هذه المحاولة ستفتح الباب أمام اتساع رقعة الحرب واستطالة مداها. بل وتحويلها لحرب أهلية شاملة، الامر الذي لم يحدث حتى الآن للسبب الذي أشرنا إليه من فتور وموقف المتفرج الذي حد من الاصطفاف الذي كان يمكن أن يحدث خلف هذا الفريق أو ذاك.

بمضي الأيام تمايزت الصفوف وتكونت معسكرات متباعدة يقف كل منها موقفا محددا من الحرب. هناك من يرى بأن دعم الجيش النظامي هو دعم للعمود الفقري للدولة السودانية والتحذير من أن هزيمته تعني تفكك دولة السودان بشكلها الحالي.

فريق ثان يرى بأن الجيش تسيطر على هرمه اللجنة الأمنية لنظام البشير ودعم الجيش يعني توقيع ورقة على بياض للمضي قدما في تنفيذ مخططات الإسلاميين الذين يسعون بكل السبل لقطع الطريق أمام ثورة الشعب من اجل استعادة الديمقراطية والدولة المدنية.

فريق يرى مواصلة الحرب الى أن يتم القضاء تماما على قوات الدعم السريع والتخلص منها للابد. وهو الفريق الذي يصف أي موقف حياد من هذه الحرب بأنه خيانة للوطن باعتبار قوات الدعم السريع قوات متمردة يجب ان تسلم سلاحها أو القضاء عليها.

هناك من يرى بأن هزيمة الجيش لا تعني تفكك الدولة، ولكن انهيار دولة الاستقلال القديمة والشرائح الحاصلة على امتيازاتها منذ ذلك الوقت. وأن المهم في الامر هو استعادة الثورة ومكاسبها المرجوة وليس الخوف على ضياع دولة لم تنصف مواطنيها ذات يوم.

حرب ليست عبثية

على هذه الخلفية تحدث لراديو دبنقا من خلال برنامج “من جهة أخرى” عدد من المهتمين بالشأن السياسي حول الموقف من الجيش السوداني في هذه الحرب، أحدهم الناشط الحقوقي الصادق عيسى حمدين الذي ابتدر حديثه قائلا المنطق يحتم أن يدعم أي مواطن جيش بلده في أي حالة حرب أو نزاع. ومضي للقول بأن الجيش بشكله وتركيبته الحالية يأتمر بأوامر حزب المؤتمر الوطني، وبما إنه ليس هناك حياد تجاه قضايا الوطن فإن إيقاف الحرب هو الوقف الذي يختاره في هذه الحالة.

إضافة لذلك يجب أن يصاحب وقف الحرب جلوس للحديث حول القضايا الأساسية، ليس بمعنى التفاوض بين مختلف القوى للوصول الى اتفاق حد أدني، بل للوصول لاتفاق حول كافة القضايا الأساسية وعدم ترحيلها. مشددا على أن القضايا المصيرية لا تحل باتفاق الحد الأدنى.

بهذه الزاوية من الاقتراب لا يعتبر الصادق عيسى ان الحرب عبثية بل هي لحظة لترتيب الأوضاع ورتق الشروخ الحادثة نتيجة التوترات السابقة للحرب مثلما حدث في أمم وبلدان اخرى عبر التاريخ.

صوت: الصادق عيسى
ووصف عيسى هذه الحرب والدمار الذي خلفته والضحايا الأبرياء الذين سقطوا على اثرها بأنها حرب إجرامية توجب محاسبة الذين تسببوا فيها وتقديمهم للعدالة. وأشار إلى اللحظة حانت لوضع حد لنوع السلام السلبي الذي ظلت تشهده البلاد، الذي يخفي تحت واجهته الساكنة الكثير من التوترات التي سرعان ما تنفجر في شكل حرب من الحروب، حالما تنتهي تبدأ حرب أخرى بعد فترة.

لا بد من دعم الجيش

خالد الطاهر الكاتب والمهتم بشئون الدفاع يقول بأنه لا بد الآن من الوقوف مع الجيش في هذه الحرب. وأضاف: ” ليس هنالك عاقل يتمنى هزيمة الجيش السوداني، لأن ذلك يعني تفكك الدولة السودانية”.

ولكنه وضع بعض الشروط إزاء هذا الوقوف أو الدعم للمؤسسة العسكرية وهي أن تخرج نهائيا من حلبة السياسية والاقتصاد التي تحتلها الان وتمثل شاغلها الرئيس.

وأشار خالد الطاهر إلى أن سؤالا من شاكلة مع من تقف الان الذي بدأنا به الحديث هو سؤال تبسيطي ومربك في ذات الوقت. مؤمنا بأن هنالك تحفظات كثيرة على الجيش من “لحظة قيام الجبهة الإسلامية بانقلابها في العام 1989 وبداية تكوين جنرالات الجيش لمصالح اقتصادية وتجارية وتورطهم في عمليات التهريب”.

وأضاف بأن انشغال قادة الجيش بهذه الأمور جعلهم يعتمدون على قوات الدعم السريع في الأنشطة التي تقوم بها في العادة قوات المشاة، ووصل الامر لجعلهم يقومون بمهمة حراسة مقرات الجيش مثل القيادة العامة. ويمضي خالد الطاهر قائلا:

“الدعم السريع نما وتمدد بمباركة وتواطؤ قادة الجيش وسمحوا لأعداد هذه القوات بالتكاثر والنمو بحوالي عشرة أضعاف مقارنة بلحظة انهيار نظام عمر البشير. وتبعت زيادة الاعداد زيادة العتاد ونوعية التسليح المملوك لهذه القوات. ليستحوذ الدعم السريع والجيش مجتمعين على حوالي 70 بالمائة من ميزانية الدولة للعام 2021”.

وأوضح خالد الطاهر بأن لحميدتي أجندة مختلفة وهو مكمن الخطورة اذ يحلم بما أطلق عليه “جمهورية الكدمول” وأضاف متحفظا بأنه ليس ضد الكدمول كجزء من الزي أو الثقافة ولكن حلم تأسيس هذه الجمهورية تصحبه أدلة حية وماثلة تتمثل في عشرات الالاف من الذين استخرجوا الرقم الوطني السوداني وهم ينطقون باللغة الفرنسية، وهو أمر غير معهود والفرنسية لا يتحدثها إلا عدد محدود من المثقفين في نطاق المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم.

وبين أن “هنالك خطة لقيام دولة ذات بعد أثني للقادمين من تشاد والكاميرون ومالي والنيجر تمتد من الأطلسي للبحر الأحمر”.

التدخل تحت البند السابع

ووجه خالد الطاهر نداء لوقف هذه الحرب فورا اليوم قبل الغد. ووصف المتقاتلين بأنهم يفتقدون العقل والرشد وأدنى إحساس بالمسئولية تجاه المواطنين وأضاف: ” مرحبا بتدخل الأمم المتحدة تحت الفصل السابع”. مشيرا إلى أن المسئولية تقع الان على عاتق المجتمع الدولي في التدخل للحماية.

وأكد أن هذه الحرب تحمل معها مخاطر كبيرة لكامل الإقليم وللمجتمع الدولي. وبسؤاله إن كان التدخل سيجدي في السودان بعد أن فشل في بلدان كثيرة مثل العراق وأفغانستان، أجاب بأنه اذا توفرت الإرادة السياسية للمجتمع الدولي فإن التدخل سينجح وسيعيد السلام والاستقرار.

واختتم حديثه برثاء الشعب السوداني الذي دفع الثمن مرتين، المرة الأولى في عملية تسمين وحش الدعم السريع وثمن آخر مضاعف في محاولة القضاء على هذا الوحش. وقال إن أسعار القذائف والرصاص المستخدم الآن من كلا الطرفين المتصارعين يدفع ثمنه الشعب السوداني من عرقه ودمه.

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا