حددتها قوى التغيير.. معايير اختيار رئيس الوزراء.. هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟
الانتباهة أون لاين
تقرير: محمد عبد الحميد
اقتربت العملية السياسية من نهايتها رغم مآخذ الكثير من القوى السياسية عليها، بسبب أنها لا تضم العدد والوزن الكافيين لقيادة الانتقال في السودان، وتهيئة الأوضاع للاحتكام إلى صندوق الانتخابات.
وفي خضم ذلك كشف القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير إسماعيل التاج ملابسات عن التشكيل الحكومي بعد التوقيع النهائي على العملية السياسية. وقال إسماعيل بحسب صحيفة (الحراك السياسي) إنّ الأروقة السياسية لم تناقش حتى الآن ترشيحات الهيكل الوزاري، مضيفاً أن هناك رؤية ومعايير لاختيار رئيس الوزراء. فما هي تلك المعايير؟ وهل هي ضرورية للمضي قدماً في تكملة المرحلة الانتقالية وصولاً للانتخابات؟
سخط واستياء
هناك كثيرون عبروا عن سخطهم واستيائهم من قيادة رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك للبلاد، مشيرين إلى أن سياسات حمدوك التي انتهجها إبان فترة حكمه قد خدمت أغراض الدول الأجنبية المانحة، ضاربين المثل برفع الدعم عن المحروقات وتعديل تعرفة الدولار الجمركي وقيمة الدولار الرسمية في البنوك المحلية التي كانت (55) جنيهاً فقط للمنح والقروض.
ففيما وصل سعره بالبنوك الآن إلى ما يقارب (594) جنيهاً، استقر سعره بالسوق الموازية في حدود (602) جنيه حتى الأمس. وهو ما دفع محللين ومراقبين إلى القول بأن رئيس الوزراء السابق رغم تأهيله العلمي لم تكن له الدراية السياسية بإدارة شؤون السودان المترامي الأطراف المحتشد بالنعرات العنصرية والمشكلات القبلية التي تحتاج الى تعامل بشكل خاص لتداركها.
وفي غضون ذلك يؤكد القيادي بالحرية والتغيير كمال بولاد في حديثه لـ (الانتباهة) أمس، أن مسألة معايير اختيار رئيس الوزراء ضرورية ومحورية، ويعلل ذلك بأن جانباً كبيراً من قيادة الفترة الانتقالية يتوقف على كاريزما رئيس الوزراء وقدرته على تحقيق مهام المرحلة الانتقالية وكيفية مواجهتها، بجانب بناء جهاز تنفيذي حقيقي يوصل البلاد إلى مرحلة صندوق الاقتراع في ظروف صعبة وبالغة التعقيد محلياً وإقليمياً ودولياً.
وطبقاً للقيادي فإننا نحتاج لمعايير واضحة ومحددة، لافتاً الى أن الحرية والتغيير ناقشت هذا الموضوع واتفقت على معايير أساسية، أولها أن يكون وطنياً ومؤهلاً تأهيلاً شخصياً، وأن يكون منتمياً لقوى الثورة ويعبر عنها ويلتزم بشعاراتها والعمل مع قواها، وأضف لذلك أن يتمتع بقدرات إضافية تمكنه من تجاوز كل الظروف القاسية والصعبة.
كاريزما القائد
ويشير بولاد إلى أن قوى الحرية والتغيير لم تناقش أسماءً بعينها لخانة رئيس الوزراء، مبيناً أنه خلال اليومين القادمين يمكن أن تطرح أسماء وتناقش ثم يتم الاتفاق على شخصية متوافق عليها، لأن المرحلة الانتقالية كلها يجب أن تقوم على التوافق.
وحسب كمال لن يستطيع رئيس الوزراء المقبل أن يحكم منفرداً الفترة الانتقالية ويضع برنامجه موضع التنفيذ، لأن الانتقال خلفيته الرئيسة هي التوافق حول قضايا الانتقال التي تمكن من تهيئة المكان لانتخابات حقيقية حرة ونزيهة، وفي خضم ذلك تتحدد مهمات على رأسها القضية الاقتصادية والاستقرار وإيقاف الحرب وقيام المفوضيات. وقال القيادي بالمجلس المركزي إن الدور الأجنبي في السودان الذي يعاني الهشاشة وتعقيدات الأزمة زائد عن اللزوم وتجاوز محطات وطنية كثيرة.
وأضاف بولاد قائلاً: (يجب على رئيس الوزراء القادم أن يكون على قدر من الوطنية ويتمتع بقدر من الكاريزما، وأن يتيح المجال للسيادة السودانية لإدارة المرحلة الانتقالية في إطار ترتيب الوضع السوداني وفي إطار الحفاظ على مصالح السودان).
وتابع قائلاً: (لأن مطالبنا قد تتطابق مع أي دور أجنبي وبالتالي تكون طبيعية، ولكن من الممكن أن تختلف مطالبنا مع أي دور أجنبي في المستقبل، وبالتالي تصبح أزمة حقيقية يصعب الخروج منها)، وأكمل قائلاً: (لذلك يجب أن نؤسس لتحديد الدور الذي يجب أن تلعبه مساعدة القوى الدولية للسودان في حدود مساعدة البلاد فقط).
وفي يوم الاثنين الماضي قدم رئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بيرتس إحاطةً لأعضاء مجلس الأمن، قال فيها: (يتعين على الأحزاب المدنية الآن الانتهاء بسرعة من المناقشات حول آليات اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة).
رئيس حكومة توافقي
وفي المقابل ركز أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. عبد الرحمن أبو خريس على أن معايير اختيار رئيس الوزراء تختلف من فترة لأخرى، مشيراً الى أن الفترة الانتقالية تحتاج لرئيس وزراء متوافق عليه، كما يجب أن يقف على مسافة واحدة من كل التنظيمات والكيانات السياسية، وألا يميل لطرف على حساب الآخر، لتفضي الفترة إلى تحقيق التحول السياسي والديمقراطي في الدولة.
ويرى خريس أن طريقة وضع قوى الحرية والتغيير معايير اختيار رئيس الوزراء التي وصفها بالـقحتاوية، تحقق مصالحها وليس التحول الديمقراطي المنشود. فهم يريدون وفق ما قال المحلل السياسي رئيس وزراء بنفس طريقة تفكير التحالف، ويمارس الإقصاء وكل الأفعال التي لا تشبه العمل الديمقراطي. فأي رئيس وزراء تأتي به (قحت) سينفذ توجهاتها السياسية المعروفة، وتجربة حمدوك أكبر دليل.
لذلك ينبغي أن تلبي معايير اختيار رئيس الحكومة في الفترة الانتقالية احتياجات كل المكونات السياسية، وليست ذات صبغة مؤدلجة لـ (قحت) فقط. وقال عبد الرحمن: (إن الثورة انتهت ونحن في مرحلة الحكم، ونحتاج لشخص يدير الدولة بشفافية وصدق، ليجد كل تنظيم سياسي حقه في التنافس الحر وتكوين بنائه السياسي التنظيمي). ويؤكد أن أية معايير صارمة تضعها الحرية والتغيير تعني المجيء بشبيه حمدوك، لتلبية كل متطلباتها دون إبطاء، مما يخالف العمل الديمقراطي وطبيعة الفترة الانتقالية.
وأشار خريس إلى ضرورة أن يختار رئيس الوزراء حكومته دون تدخل مباشر من (قحت)، وأضاف قائلاً: (لأننا في مرحلة (الميت الغريق) وليس تنفيذ أجندة سياسية محددة ضد أجندة أخرى، فإذا أتى رئيس وزراء بمواصفات الحرية والتغيير سيسقط كما سقط حمدوك عبر الشارع).
The post حددتها قوى التغيير.. معايير اختيار رئيس الوزراء.. هل يُصلح العطار ما أفسده الدهر؟ appeared first on الانتباهة أون لاين written by Mona Abu Shuk .
المصدر من هنا