أم درمان: محمد جمال قندول
في غمرة انشغال الساسة والمسؤولين بفك شفرة الأزمة السياسية ثمة داء لعين يتسرب بلا مقاومة ليصطاد الشباب الواحد تلو الآخر، والحديث هنا عن المخدرات التي باتت محكاً حقيقياً يواجه المجتمع السوداني، وأقامت أكاديمية نميري العسكرية العليا صباح أمس (الندوة المنهجية عن الواضع الراهن لمشكلة المخدرات في السودان وأثرها في الأمن الوطني)، وقدمت خلالها أوراق علمية مصحوبة بنقاشات ساخنة ابتدرها رئيس الوزراء الأسبق البروفيسور الجزولي دفع الله، حيث قدموا معلومات أقل ما يمكن وصفها بالمثيرة والمخيفة، حيث احتوت على تفاصيل متعلقة بتصدر الطلاب والشباب قائمة المتعاطين للمخدرات وخاصة (الآيس).
حرب ممنهجة
أقيمت بأكاديمية نميري العسكرية ندوة للحديث عن المخدرات تحت عنوان (الندوة المنهجية عن الواضع الراهن لمشكلة المخدرات وأثرها في الأمن الوطني)، قدم خلالها العميد معاش منور محمد محيي الدين أرقاماً صادمةً عن حقيقة المأساة التي تعيشها البلاد وهي تقاوم هذه الظاهرة التي باتت تؤرق مضاجع الأسر.
العميد (م) منور أزاح الستار عن معلومات مهمة خلال حديثه، حيث ذكر أن هناك زيادة بأكثر من 70٪ في توزيع المخدرات، وعزا ذلك لعدم الاستقرار الأمني والسياسي، بجانب تعطيل المحاكم وضعف التوعية والإرشاد وبرامجها وضعف الإمكانات وطول الشريط الحدودي وضعف الدعم الدولي وضعف الأجهزة في المنافذ والمعابر، وأشار إلى انه بعد عام 2010م، زاد انتشار المخدرات في البلاد، وذلك بسبب دخول مجموعات إجرامية، فضلاً عن وجود مناطق لزراعة المخدرات مثل منطقة (الردوم في دارفور)، وهي محمية صالحة لزراعة المخدرات.
وثمة من يذهبون أخيراً خلال تعليقهم على رواج الانتشار الكثيف للمخدرات بأشكالها المختلفة إلى أنها حرب ممنهجة ضد البلاد، وهنا يجيب منور خلال ورقته التي قدمها بالندوة عن ضرورة العمل بإنشاء المجلس القومي لمكافحة المخدرات لتنسيق الخطط وإنفاذها، فضلاً عن تعديل القانون وتوفير أجهزة الكشف المبكر وإنشاء وتكوين لجنة للعلاج والمراقبة، كما أضاف أن المخدرات موزعة ما بين (القنب) و (الكوكا) و (الخشاش)، حيث أن ما يزيد عن 188 مليار دولار من أموال المخدرات عالمياً تذهب من خلال غسل الأموال، وأعتبر العميد معاش منور أن هناك تحديات قانونية وصحية من بينها إباحة استخدام المخدرات لأغراض طبية، وتحديات تقنية تسهم في ترويج المخدرات من خلال الإنترنت.
وبحسب منور فإن الخطورة باتت تتمثل فى مخدر (الكبتاجون) وذلك لأنه يهرب من لبنان وسوريا إلى السودان، وأردف قائلاً: (للأسف مطار الخرطوم إحدى مناطق دخول وعبور الكبتاجون إلى السودان أو دول أخرى بالجوار)، كاشفاً أنه ذات مرة تم ضبط أكثر من ألف طن من (الهيروين) وللأسف مضروب ويحتوي على بدرة (زجاج ونشادر)، موضحاً أن (القنب) يمثل 80٪ من المخدرات فى السودان، فضلاً عن (الترامادول والآيس الكريستال والهيروين).
كما أفاد بأن هناك ضبطيات، ففى إحدى المرات وصلت إلى نحو (14) مليون حبة (ترامادول)، لافتاً الى أنها هربت إلى السودان، كما أن (الهيروين) يأتي من باكستان من خلال السنابك.
كما استعرض خلال الندوة اللواء ركن (م) الدكتور أمين إسماعيل مجذوب ورقةً علميةً عقب عليها البروفيسور محمد حسين أبو صالح، وجاءت بعنوان (أثر المخدرات في الأمن الوطني السوداني).
فيما قدم العميد دكتور طارق الهادي مداخلة حظيت بالإشادة والإعجاب، حيث ركزت خطورة ومضار مخدر (الآيس) الذي انتشر أخراً بشكل مخيف وخطير.
مهددات أمنية
رئيس اللجنة العليا لمكافحة المخدرات بروفيسور الجزولي دفع الله كان ضمن المعقبين في الندوة على الورقة التي قدمت، حيث قال إن اهتمام الدولة وأجهزتها من خلال الاجتماعات والتوجهات الأخيرة بأمر المخدرات لا يعني أن (الشعب أصبح مجموعةً من المخروشين)، ودعا الجزولي الى تأهيل وتوفير الإمكانات للشرطة وكافة الأجهزة الأمنية والعسكرية، مضيفاً أن المخدرات تكلف العالم خسارة اقتصادية تصل إلى بلايين الدولارات.
الجزولي علق على انتشار المخدرات بقوله: (مُخدر (الترامادول) موجود وللأسف بكل جهل في المنازل باعتباره علاجاً للصداع والإرهاق)، ولكنه عاد وقال إن السودان وشعبه بخير وله تاريخ ودين وقيم تحميه من أية مخاطر ومهددات أمنية ومجتمعية، لافتاً الى أن الاهتمام نابع من حماية المجتمع وخاصةً الشباب، وأشار إلى أن نحو 70٪ من سكان الروم يزرعون (البنقو)، ورأى أن حملات الشرطة السنوية لحرق (البنقو) غير مجدية ولن تحل المشكلة، مطالباً بإنفاذ مشروعات التنمية والمحصولات البديلة ذات القيمة النقدية الأعلى من مداخيل المخدرات.
وهناك أرقام مهمة كشفها رئيس لجنة مكافحة المخدرات خلال الندوة، حينما أشار إلى أن البلاغات المدونة تجاه متعاطي المخدرات تشير إلى أن نحو 3٪ من الأجانب، بينما نجد أن النسبة التى تصل إلى نحو 5٪ وهى الأعلى تتمثل في منسوبين لقوات نظامية وطلاب، وتحدث عن إجراء دراستين لطلاب الجامعات شملت أكثر من (14) الف طالب، أوضحت الدراسة أن الغالبية من المتعاطين من الأولاد خاصةً الذين توجد أسرهم خارج السودان، فيما نجد أن تعاطي الأخ الأكبر أكثر بين هؤلاء.
وكشف الجزولي أيضاً عن أنهم بصدد إطلاق دراسة تستهدف طلاب الصفوف النهائية بالمرحلتين الأولية والثانوية للتعرف على مضار وخطرها بين الطلاب فى هذا المستوى.
ومن جهته قال الفريق ركن عبد الخير عبد الله ناصر ممثل رئيس المجلس الأعلى لأكاديمية نميري العسكرية العليا قائد قوات الدفاع الجوي، قال إن خطورة المخدرات تلقى بظلال وتأثيرات سالبة ومباشرة على أركان الدولة الشاملة، خاصةً المتعلقة بالأمن والاقتصاد والمجتمع، معلناً عن تبنيهم توصيات الندوة والعمل على تسليمها لجهات الاختصاص لإنفاذها فى إطار حماية وتأمين الأمن القومي السوداني.
ولعل أبرز التوصيات التي خرجت من الندوة هي المطالبة بإنشاء المجلس القومي لمكافحة المخدرات، وإجازة مشروع قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 2018م، بجانب استقطاب التمويل والدعم الدولي والإقليمي لمشروعات المكافحة عبر وزارتي الداخلية والخارجية، مع استكمال الدراسة المتعلقة بالبرامج البيئية البديلة، والبدء فى زراعة مواقع القنب في حظيرة الردوم.
وحثت توصيات الندوة التي شارك فيها عدد كبير من منسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية، على تحديث أجهزة الكشف عن المخدرات فى الموانئ والمطارات والمعابر الحدودية.
المصدر من هنا
ان القوة الفعلية للسودان هي الشباب والذي يمثل ٨٠% من السكان وعليه لا استغراب من الهجمة المبرمجة والمنهج لتدمير السودان كن خلال تدمير شبابه . وللأسف الحكومة والقائمين علي الأمر غير مبالين ولا مهتمين للأمر.
يجب اعلان الطوارئ والحرب علي المخدرات بكافة الطرق الناجحة.