أعلن قائد حركة جيش «تحرير السودان»، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، التوافق مع الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري على استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق بخصوص العملية السياسية، فيما جدد ممثلو الوساطة الدولية، أمس الجمعة، دفع المساعي لتوسيع قاعدة المشاركة في الاتفاق.
وأشاروا في بيان إلى أن «المجموعة الرباعية (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية)، عقدت اجتماعاً مساء الخميس، بين ممثلين للموقعين على الاتفاق الإطاري من المدنيين والعسكريين وممثلين لبعض الحركات والأحزاب خارج عملية الاتفاق الإطاري حالياً، بهدف تحديد خطوات عملية لتوسيع المشاركة في هذه العملية ودعمها من قبل أصحاب المصلحة السودانيين».
ولفت البيان إلى «رؤية الوساطة للاتفاق الإطاري كأساس للتوصل إلى اتفاق سياسي نهائي وتشكيل حكومة جديدة بقيادة مدنية لتوجيه السودان خلال فترة جديدة من الانتقال الديمقراطي، تُختتم بالانتخابات».
«توافق يحقق الاستقرار»
كذلك، لفت السفير السعودي في الخرطوم، علي بن جعفر، أمس، إلى «دور بلاده وجهودها ومساعيها الحالية لتيسير توافق بين الأطراف السودانية للوصول لتوافق يحقق الاستقرار والازدهار في البلاد».
وقال إنه «استمرار لتوجيهات القيادة في بلاده سيواصل العمل دائماً للوقوف بجانب السودان لتحقيق تطلعات شعبه». كما أكد لدى لقائه بوزير المالية جبريل إبراهيم، أمس الأول، استمرار دعم الرياض للسودان.
وخلال الأيام الماضية، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، حراكاً دبلوماسيا كبيرا لمبعوثين غربيين في مساع لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بجانب زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وينقسم الفرقاء السودانيون إلى مجموعتين رئيستين ممثلتين في قوى «الحرية والتغيير» (المجلس المركزي) والتي وقعت اتفاقاً مع العسكر نهاية العام الماضي، والمجموعة الأخرى ممثلة في «الكتلة الديمقراطية» والتي ترفض التوقيع على الاتفاق الإطاري، وعادت قبل نهاية الأسبوع من القاهرة بعد عقدها ورشة عن الأزمة في السودان برعاية الحكومة المصرية.
التزام ثابت
في الأثناء، شددت قوات «الدعم السريع» التي يقودها نائب رئيس المجلس السيادي، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على أن العملية السياسية الجارية «يجب أن تستند على الاتفاق الإطاري».
وذكرت في بيان «تُجدد قوات الدعم السريع، التزامها الثابت بالاتفاق الإطاري، الذي يؤسس لدعائم الحكم المدني الديمقراطي، وسيادة حكم القانون، واحترام حقوق الإنسان، ويؤدي إلى استقرار البلاد، والانفتاح مجدداً على المجتمع الدولي».
ودعا البيان «بقية الأطراف غير الموقعة، إلى الانضمام للاتفاق الإطاري، حفاظاً على أمن واستقرار الوطن، واستكمالاً لأهداف الثورة السودانية».
وأكد «بلسان المؤسسة العسكرية، الالتزام بما تم التوقيع عليه في الاتفاق الإطاري في الخامس من كانون الأول/ديسمبر الماضي».
وتأتي تأكيدات الدعم السريع في أعقاب تصريحات سابقة للقائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان ونائبه في التراتبية العسكرية شمس الدين الكباشي، أشارا فيها لعدم شمولية الاتفاق الإطاري، وأنه غير كاف للتأسيس عليه.
في الموازاة، أعلن قائد حركة جيش «تحرير السودان»، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، التوافق مع الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري على استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق بخصوص العملية السياسية.
«لقاء المكاشفة»
وقال في تصريحات صحافية، إن الوساطة الدولية دعت للقاء بين الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي للحرية والتغيير، بقيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه «حميدتي» مساء الخميس، بحضور ممثل للاتحاد الأوروبي، وقد قامت بتيسيره الآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد.
وأشار إلى «توافق الأطراف على استئناف الحوار بدعوة من قائد الجيش ونائبه والوساطة الدولية. الحوار الذي تم تجميده مؤخرا على خلفية خلافات بين الجانبين. وجرى الاتفاق على العمل معا للوصول إلى حل سياسي للخروج بالبلاد من الأزمة الراهنة». وقال إن «الأطراف بصدد تحديد موعد استئناف الحوار».
ووصف الاجتماع بـ “لقاء المكاشفة»، مشيرا إلى أن «الحديث كان صريحا ومختلفا تماما عما سبق، وأن الجانبين قررا إغلاق الصفحات القديمة وفتح صفحة جديدة وبدء حوار لإيجاد حلول حقيقية للأزمة الراهنة في البلاد والإعداد لحل دائم».
وشدد على أن «الحل يكمن في الإرادة الحقيقية من جميع الأطراف وليس في الوثيقة التي تحدد أطراف العملية السياسية (الاتفاق الإطاري) أو الوثيقة المخفية (في إشارة لوثيقة تحدث عنها حميدتي قال إن الأطراف التي وقعت عليها عازمة على القفز من الاتفاق الإطاري)».
وفي السياق نفسه، مضى القيادي في الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول، بجانب إشارته إلى مخاطر التدخل الأجنبي.
وقال في تعميم صحافي «بغض النظر عن خلافاتنا الداخلية في كيفية إدارة الانتقال ومساره، فلا يجب أن نقلل من أهمية بلادنا في الجيوبولتيكا العالمية ونستهين بها».
وجهة استراتيجية
وأضاف: «خلال هذا الأسبوع وحده تدافعت الوفود الأوروبية والأمريكية والروسية والاسرائيلية إلينا، تدافع الواحد تلو الآخر»، مشيراً إلى أن «هذا يجب أن يجعل الأطراف السودانية تسعى لرفع سقف المكاسب للوطن والمواطن».
وتابع: «نحن لا ندعي أننا بوصلة السياسة العالمية، ولكننا وجهة استراتيجية لا يمكن تخطيها، وكل الأمر بيدنا في حال اتفقنا وتنازلنا لبعضنا البعض، يمكن أن تكسب بلادنا الرهان في هذا العالم الذي بدأ يتشكل من جديد».
في المقابل، انخرطت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، في اجتماع مساء الجمعة، لمناقشة مخرجات اللقاء مع الرافضين للاتفاق، وإعلان موقف رسمي بالخصوص.
وكانت أطراف الاتفاق، قد أعلنت أن اجتماع الخميس لم يكن مع الكتلة الديمقراطية، ولكن فقط مع حركتي «العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم وحركة «تحرير السودان» بقيادة مناوي، وشددت على أنها لن تتفاوض مع الحزب الاتحادي الأصل، بقيادة جعفر الميرغني.
وأوضحت أن الاتفاق «نص على أن أطراف العملية السياسية تتضمن قوى ثورة، قوى انتقال، الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام» وقال القيادي في المجلس المركزي لـ»الحرية والتغيير» ياسر عرمان، في تغريدة على حسابه على «تويتر»، إن اللقاء مع جبريل ومناوي والميرغني تم مع تنظيماتهم «بشكل منفرد وليس مع الكتلة الديمقراطية».فيما بين المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر، في تصريحات صحافية الخميس، أن الآلية الرباعية تقدمت بمبادرة لعقد اجتماع يضم البرهان و(حمدتي) وثلاثة ممثلين عن القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، وعضو المجلس السيادي، رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس والقيادي في الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي، الواثق البرير، والقيادي في تجمع المهنيين طه عثمان مع كل من مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وجعفر الميرغني ممثلين عن تنظيماتهم، وذلك بحضور الوساطة الرباعية والآلية الثلاثية».
وأشار إلى إن هدف الاجتماع «مناقشة سبل انضمام القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري للعملية السياسية الجارية، بغية الوصول سوياً لاتفاق سياسي نهائي يستعيد مسار الانتقال المدني الديمقراطي».
وقال إن «القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري وافقت على لقاء التنظيمات الثلاثة لمواصلة النقاش الذي سبق وانخرط فيه الجانبان من قبل».
وكان مبعوثون دوليون قد اختتموا أول أمس الخميس، زيارة للعاصمة الخرطوم استمرت 3 أيام، وأصدروا بياناً دعوا فيه الأطراف السودانية إلى إجراء حوار شامل على أساس «الاتفاق الإطاري» لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
المبعوثون، الذين مثّلوا كلا من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، قالوا في بيانهم: «اختتم المبعوثون الخاصّون والممثلون زيارة مشتركة إلى الخرطوم دعماً لشعب السودان ومطالبتهم باستئناف قيادة مدنية للانتقال إلى الديمقراطية».
وأفادوا بأنهم «اجتمعوا مع الجهات الفاعلة السودانية، بمن في ذلك الموقّعون المدنيون على الاتفاق السياسي الإطاري، وممثلون عن المجتمع المدني، ولجان المقاومة، والموقّعون على اتفاق جوبا للسلام والقيادة العسكرية».
وحسب البيان، «حثّ المبعوثون الأطراف السودانية على إجراء حوار شامل على أساس الاتفاق السياسي الإطاري، والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للصراع، والعمل على بناء سودان مستقر ومزدهر».
كما حثّوا الأطراف على «تعميق وتوسيع التزامهم بحوار شامل، والجمع بين النساء والشباب والممثلين من جميع أنحاء السودان للمشاركة في تشكيل مستقبل بلادهم»، وفق المصدر نفسه.
وأكدوا أن عملية الاتفاق السياسي الإطاري في نظرهم «أفضل أساس لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، ووضع ترتيبات دستورية لفترة انتقالية تتوّج بالانتخابات».
حكومة انتقالية
كذلك أعربوا عن أملهم الكبير في أن «يبذل الطرفان جهوداً متضافرة لإنهاء المفاوضات والتوصّل إلى اتفاق نهائيّ سريعاً لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية الملحّة في السودان.»
وفي السياق نفسه، أشار المبعوثون الدوليون إلى أن «الباب لا يزال مفتوحًا لمجموعات إضافية للمشاركة في العملية السياسية».
وأضافوا: «إدراكا لهشاشة التحولات الديمقراطية، نقف متحدين في تعزيز المساءلة لأولئك – بمن في ذلك العناصر العسكرية أو الجماعات المسلحة أو الجهات الفاعلة المدنية – الذين يحاولون تقويض أو تأخير انتقال السودان إلى الديمقراطية». ووفق البيان نفسه، دعا المبعوثون الدوليون إلى «الاحترام الكامل لحرية التجمع والتعبير السلمي عن الرأي»، وشددوا على «إدانة العنف والاعتقال الجائر للمتظاهرين السلميين»، داعين إلى «محاسبة المسؤولين». وللتوصل إلى اتفاق شامل في البلاد، انطلقت في 8 يناير/ كانون الثاني المنصرم المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقّعين على «الاتفاق الإطاري». وكان الاتفاق الإطاري قد أُبرم في ديسمبر/ كانون الأول 2022 بين مجلس السيادة الحاكم وقوى مدنية، أبرزها قوى «الحرية والتغيير».
وتشمل المرحلة النهائية مناقشات بشأن 5 قضايا عالقة هي: العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني، ومراجعة اتفاق السلام، وتفكيك نظام 30 يونيو/ حزيران 1989 (نظام عمر البشير)، وقضية شرقي السودان.