السودان الان السودان عاجل

5 دبلوماسيين أوروبيين وآخر أمريكي في السودان تزامناً مع زيارة لافروف

مصدر الخبر / صحيفة القدس العربي

بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للخرطوم، وصل ستة مبعوثين غربيين إلى البلاد (5 أوروبيين و أمريكي) في زيارة تستمر ليومين. وبينما تأتي زيارة الوفود الغربية حسب ما أُعلن لدعم العملية السياسية في السودان، تقول موسكو إنها تسعى لتعزيز التعاون والشراكة مع الدول الأفريقية.
وحسب مصادر «القدس العربي» «الأوضاع المضطربة في غرب أفريقيا ستكون من أبرز القضايا التي تناقشها الوفود الزائرة مع السلطات السودانية».
وقال وزير الخارجية السوداني المكلف، علي الصادق، في تصريحات صحافية أمس، إنهم «سيقدمون للجانب الروسي شرحاً حول سير العملية السياسية في السودان والجهود المبذولة لتحقيق التقارب الوطني وصولاً إلى تكوين حكومة مدنية تواصل مسيرة الانتقال وتقود البلاد إلى الانتخابات».
وسيناقش الجانبان «العلاقات الثنائية، خاصة مخرجات اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة التي انعقدت في النصف الثاني من العام الماضي، إضافة إلى مجالات التعاون المشترك بين البلدين متمثلة في توليد الطاقة من مياه الخزانات والأبحاث الجيولوجية والتعدين والنفط، إضافة إلى القضايا الدولية التي تهم البلدين».

تظاهرات

وبينما انخرط المبعوثون الدوليون في لقاءات مع الأطراف السياسية والعسكرية، السودانية، شارك الآلاف من المحتجين، الرافضين للتسوية مع قادة الانقلاب، في تظاهرات توجهت نحو القصر الرئاسي، وسط الخرطوم، للمطالبة بإسقاط الحكم العسكري والتأسيس للحكم المدني الديمقراطي.
وواجهت القوات النظامية المواكب التي دعت لها لجان المقاومة أمس بعبوات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، وسط اعتقالات واسعة طالت المتظاهرين، خاصة في منطقة محطة جاكسون والسوق العربي وسط الخرطوم. وتعالت هتافات المحتجين، المطالبة بإسقاط ومحاكمة قادة الانقلاب العسكري، ورفض التفاوض والشراكة معهم أو منحهم الشرعية.

تظاهرات رافضة لحكم العسكر و «لجان المقاومة» تتمسك بإسقاط قادة الانقلاب

وقالت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم في بيان مشترك أمس، إن التظاهرات «جاءت للتأكيد أمام المجتمع الدولي والوفود الزائرة، على تمسك الشعب بإسقاط قادة الانقلاب والتأسيس لسلطة الشعب ودولة الحرية والسلام والعدالة».
ويتضمن الوفد الغربي، الذي تستمر زيارته للبلاد ليومين، الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي أنيت ويبر والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان وجنوب السودان روبرت فيرويذر، بالإضافة إلى المبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي فريديريك كلافيه والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان أنطون جونسون ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان بيتر لورد ورئيس شعبة القرن الأفريقي في الخارجية الألماني تورستن هوتر.
وقال فيرويذر، في تغريدة على حسابه في «تويتر»، إن زيارتهم للخرطوم جاءت للتأكيد على أنهم متحدون وراء الاتفاق الإطاري، مشيرا إلى أنهم سيبحثون خلال اليومين القادمين الجهود الجارية لتوسيع المشاركة في العملية السياسية وتأمين الوصول إلى اتفاق نهائي سريعًا لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.
وحسب المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر، التقى رؤساء وممثلو الأطراف المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، مع المبعوثين الغربيين، أمس ، حيث ناقش الاجتماع التقدم في العملية السياسية، واستئناف برامج التعاون الاقتصادي، عقب تشكيل الحكومة المدنية، والتي تم تعليقها بسبب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وأشار، خلال مؤتمر صحافي، أمس في قاعة الصداقة في الخرطوم، إلى أن المبعوثين أكدوا «إدراكهم للتحديات التي تواجه العملية السياسية في السودان واستعدادهم لمساعدة جميع الأطراف للوصول إلى حل سياسي».
وتوقع أن يكون للزيارة «أثر إيجابي على مجمل العملية السياسية الجارية في البلاد»، مشيرا ان «إدراك الأطراف الدولية الداعمة للاتفاق الإطاري، هو الأكثر شمولاً، وأن أطرافه بذلت جهودا حقيقية لتوسيع قاعدة المشاركة وأن هناك، المزيد من الجهد يجب أن يبذل في الصدد».
وأضاف: أكدنا للمبعوثين أننا دعاة لهذا الشمول، وأننا نأمل أن يلعبوا دورا فاعلا في إقناع الأطراف – المتفق عليها – غير الموقعة على الاتفاق الإطاري، لتكون جزءا من هذه العملية ولكي نصل معا لاتفاق سياسي.

فرصة حقيقية

وأشار إلى أن الاتفاق الإطاري يبحث فرصة حقيقية لمعالجة القضايا الهامة وأبرزها الوصول لجيش موحد وقومي، وأن تنأى القوات المسلحة والنظامية بنفسها عن العمل السياسي الذي أضر بها، مشيرا إلى أن الاتفاق الاطاري «وفر فرصة حقيقية لرفع هذا الضرر وسنعمل على اغتنام الفرص وتجنب التحديات التي يواجهها بروح إيجابية».
وأبدى تطلعهم للوصول إلى اتفاق نهائي بأسرع ما يمكن، مشيرا إلى أن «ما يهم الشعب ويتطلع إليه فعلاً، أن تكون هناك حكومة مدنية ذات مصداقية لتتعامل مع الإشكالات الرئيسية الفقر والانفلاتات الأمنية، وبلوغ أهداف الانتقال المدني الديمقراطي دون تشتت».
وأكد أن كل الأطراف المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري «ملتزمة به، وتريد المضي بالعملية السياسية إلى الأمام»، وأنها «متفقة على محتوى الاتفاق الإطاري، ولكن البعض لديهم وجهات نظر مختلفة حوله»، آملا أن «تدار بأفضل طريقة ممكنة».
وأضاف: «لا توجد خلافات حول المحتوى، فقط المطلوب إرادة سياسية».
كذلك التقي المبعوثون الغربيون رئيس مجلس السيادة الإنتقالي عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي».
وأكد البرهان، حسب بيان لمجلس السيادة «التزامهم بالإتفاق الإطاري والعمل مع جميع الأطراف وإقناع الممانعين للتوصل لإتفاق نهائي شامل، يمهد الطريق لحكومة انتقالية بقيادة مدنية تقود البلاد لإنتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الإنتقالية».

تشجيع الحوار

وجدد «التزام المؤسسة العسكرية بالخروج من العملية السياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة بالأجهزة الأمنية».
وحث المبعوثين الدوليين على «ضرورة الوفاء بإلتزاماتهم في دعم الانتقال السياسي وتقديم المساعدات العاجلة للسودان»
ووفق البيان «رحب المبعوثون الدوليون بما طرحه رئيس مجلس السيادة خلال الاجتماع»، مؤكدين دعمهم للانتقال السياسي في البلاد».
وأوضحت الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت ويبر، التي تحدثت نيابة عن وفد المبعوثين الدوليين، في تصريح صحافي، أنهم متفقون جميعا، على دعم وتشجيع عملية حوار شامل بين السودانيين يفضي إلى إتفاق شامل»، مشيرة إلى أن «لقاء الوفد الدولي برئيس مجلس السيادة ونائبه والفاعلين الآخرين، يهدف إلى تشجيع الأطراف على المضي قدما في تنفيذ التزاماتها للوصول إلى حكومة بقيادة مدنية».
وأضافت «لقد حضرنا للسودان نحمل رسالة أمل ورسالة دعم للاتفاق الإطاري ولجهود الآلية الثلاثية الميسرة للحوار السوداني»، لافتة إلى أن «زيارة وفد المبعوثين الدوليين للسودان تأتي في إطار دعم الشعب السوداني ومستقبله في هذه المرحلة».

تدويل الأزمة

وتشهد البلاد حالة من الشد والجذب الدولي، وفق المحلل السياسي، أمين مجذوب، الذي رأى أن الأزمة السودانية تم تدويلها، وبالتالي، تشهد البلاد حراكا واسعا للمبعوثين الإقليميين والدوليين.
وأشار لـ»القدس العربي» إلى أن تجمع 6 مبعوثين غربيين، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الروسي للبلاد يعود بشكل رئيسي إلى «التوترات في غرب أفريقيا والصراع الغربي الروسي هناك»، لافتا إلى أن موسكو تسعى لتوسيع نفوذها في أفريقيا.
ورجح أن يناقش لافروف مع السلطات السودانية، «الملفات المتعلقة بالتعاون العسكري وقضية إنشاء قاعدة عسكرية روسية على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر».
وأضاف: «يمكن أن تستخدم روسيا السودان كورقة ضغط على الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية التي تتحرك بضغط كبير لمحاولة إبعاد النفوذ والتواجد الروسي في أفريقيا، خاصة مجموعة فاغنر النشطة في الحدود السودانية الغربية وتشاد وأفريقيا الوسطى ونشاطها في التنقيب عن المعادن والتعاون والتدريب العسكري».
وأشار إلى أن «مآلات الشد والجذب الدولي في السودان مرهونة بالانتقال الديمقراطي وتشكيل الحكومة المدنية»، متوقعا أن «تسعى الوفود الغربية لإطلاق مبادرة لتسريع خطوات الانتقال الديمقراطي وإبعاد العناصر التي من الممكن أن تسبب أزمات للدول الأخرى في المنطقة».
وتأتي زيارة المبعوثين الغربيين، حسب مجذوب، كذلك «للتأكيد على دعم الاتفاق الإطاري ومحاولة تقريب وجهات النظر والوصول لحل وسط يخرج البلاد من الأزمة الراهنة».
وأرجع الاهتمام الدولي بالأوضاع في السودان إلى «موقعه الجيوستراتيجي الهام، ولجهة أنه بلد غني بالموارد المعدنية والمائية، والأراضي الزراعية الخصبة، فضلا عن اكتشافات الغاز الطبيعي والنفط على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر».

نشاط شركة «فاغنر»

كذلك قال المحلل السياسي عبد الله رزق، لـ»القدس العربي» أن أبرز القضايا الثنائية التي سيناقشها لافروف مع السلطات السودانية، هي «نشاط شركة فاغنر الأمنية، وقضية تصدير وتهريب الذهب لروسيا، بجانب قضية القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر والتي ربما تأتي في إطار مشروع اتفاق أمني أوسع.»
ولفت إلى أن «القضايا الإقليمية، موضوع النقاش، تتصدرها الأوضاع المأزومة في تشاد وأفريقيا الوسطى، وعلاقة السودان بأزمات البلدين الجارين، ويشكل موقف السودان الرسمي من الحرب في أوكرانيا، قضية مهمة، أيضا، لتجد نفسها في جدول الأعمال، ضمن ملف القضايا الدولية».
قد تعكس زيارة لافروف، حسب رزق «الأهمية الاستثنائية، التي أصبح يتمتع بها السودان، لكنها في الوقت ذاته تأتي والسودان في أسوأ حالاته، حيث يفتقر للإدارة الحكومية الفاعلة، مما أوجد فراغا في السلطة، تشغله الفوضى، الأمر المحفز للتكالب الدولي الجاري من أجل التأثير على تطور الوضع الداخلي للبلاد، وإعادة تشكيله».
وأضاف: زيارة لافروف للسودان هي «حلقة من سلسلة من التحركات، الإقليمية والدولية، النشطة، والتي يعد السودان إحدى محطاتها»، مشيرا إلى زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني بلينكن لمصر وإسرائيل ورام الله وزيارة رئيس مجلس تشاد الانتقالي، محمد كاكا، لإسرائيل، وزيارتي القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) لتشاد، ثم زيارة وزيرة الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم.

رد على جولة بلينكن

ولفت إلى إنه «يمكن النظر لجولة لافروف كرد على جولة بلينكن، في سياق التنافس على كسب التأييد، واشتداد حدة الاستقطاب والاستقطاب المضاد، حول الموقف من الحرب في أوكرانيا».
وزاد: «بالمثل، يمكن الإشارة إلى أن زيارة ستة من المبعوثين الغربيين للخرطوم، أمريكي وخمسة أوربيين، بالتزامن مع زيارة لافروف للسودان، وتستغرق المدة نفسها، لا تقتصر عند حد الرد على زيارة المسؤول الروسي، وإنما تتعدى ذلك للسعي لمحاصرة مهمة لافروف، كهدف رئيسي، من خلال التشويش عليه وإرباك المسؤولين في الخرطوم، وإشغالهم، وربما الضغط عليهم، والحيلولة بينهم وبين أي اتفاق محتمل مع لافروف، خاصة أن القضايا التي سيبحثها لافروف في الخرطوم ذات حساسية عالية بالنسبة للغرب، ما يجعل يومي الزيارة، حلبة صراع حقيقية بين قطبي حرب أوكرانيا».
ولا يعني ما سبق، وفق رزق، أن وفد المبعوثين الأوروبي الأمريكي «ليست لديه أجندة خاصة بزيارته للخرطوم، يتقدمها ممارسة مزيد من الضغط على المكون العسكري للالتزام بالتسوية المستندة الاتفاق الإطاري، والشروع في تكوينه حكومة مدنية لقيادة الانتقال»

عن مصدر الخبر

صحيفة القدس العربي