السودان الان

(جعجعة الانتقالية).. محكمة للتاريخ

مصدر الخبر / صحيفة الانتباهة

تحليل سياسي: م. أحمد فاروق حسن

زار البرهان منطقة شرق النيل في زيارة يبدو عليها تجهيز المسرح لمرحلة قادمة ، وإن لم أكن مخطئاً فهي الإنتخابات ووصف مايدور في الخرطوم بأنه مضيعة للوقت وأنها (تصحيح).. والشرح هنا لمعنى حديث السيد القائد العام ولقواته المسلحة.
جعجع الشَّخْصُ: علا صوته بوعيد لا يستطيع إنجازَه
فاقمت الأوضاع من جرح كرامة السودانيين، وجعلتهم في موضع طعن في قدرتهم على تغيير واقع بائس ومؤلم، وهم الذين يفتخرون بنسبة الشباب تناهز 75% من مجموع السكان، فقد وقعت حالة من الإنسحاب الجماعي من الفعل السياسي لدى الشباب، وهو ما ترك المجال للفواعل الموجودين (علا صوتهم) بوعيد لا يستطيعون إنجاز شيء فيه ،فهذا يا عزيزتي القوات المسلحة، هذا ليس بمظهر يليق بالسودانيين، وأعلموا أن الشباب الذين إنسحبوا سيعودون المرة القادمة وهم (جياع) …جياااااع؛ ففي الخرطوم -عزيزي البرهان -كثيرون يكثرون الحديث في تعميق للمحنه السودانية.
جَعْجَع في المكان: قعدَ على غير إطمئنان
تبدو الصورة أكثر وضوحاً، المناظرات والسجالات الصاخبة والمعارك الإعلامية، والمحاصصة السياسية، كل ذلك لم يجد له أي إنعكاس في إدارة الدولة أو إدارة الأزمة أية نتيجة ، فظلت الاجهزة الرئيسية في الدولة مهددة، وظل الجميع في حالة إنتظار لنهاية هذه الأجهزة التي يبدو محتوم بهذه الطريقه من الإدارة.
جَعْجَع الإِبِلَ وبها: حرّكها للإِناخة أَو النهوض أَو للحبس
كيسنجر في كتابه الأخير بعنوان (القيادة) (The leadership) يشرح كيسنجر في مقدمة كتابه معنى القيادة بقوله: أي مجتمع وبغض النظر عن نوع النظام السياسي الذي يحكمه، يخضع لعملية تحول أو إنتقال مستمر بين الماضي الذي يشكل ذاكرته، والمستقبل الذي يتطلع إليه. وخلال هذا المسار الصعب، فأن فن القيادة يصبح ضرورة لا غنىً عنها، وتعني القيادة القدرة على إتخاذ القرار، وكسب الثقة، والحفاظ على الوعود فبدون القيادة المناسبة في تلك المراحل الحساسة، قد تنتهي عمليات التحول بكارثة تحيق بتلك المجتمعات وهي الحالة التي تمر بها مؤسسات الدولة حالياً، فكل الذين في الدولة يمرون بحالة عدم استقرار وعدم أمن وإحساسهم بأن الدولة بدأت فعلياً في الإنهيار.
حسب كيسنجر في كتابه (القيادة)، ثمة استراتيجيات عالمية إرتبطت بشخصيات ستة مهمة، هي:
1- كونراد اديناور، أول مستشار لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث إرتبط اسمه بـ(استراتيجية التواضع أو حتمية التجديد).
2- شارل ديجول، قائد حركة المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية ورئيس فرنسا لاحقاً، حيث إرتبط اسمه بـ(استراتيجية الإرادة) .
3- ريتشارد نيكسون، الرئيس الأمريكي الأسبق والذي أنهى التدخل الأمريكي في فيتنام وقاد سياسة الوفاق مع الإتحاد السوفيتي، وسياسة الإنفتاح تجاه الصين، وإرتبط اسمه بـ(استراتيجية التوازن).
4- محمد أنور السادات، الزعيم المصري الذي صنع السلام مع إسرائيل وفتح الطريق أمام كل نماذج التسويات في الصراع العربي-الإسرائيلي حتى بعد رحيله بأربعين عاماً، إرتبط اسمه بـ(استراتيجية التجاوز).
5- لي كوان يو، زعيم سنغافورة الذي حول جزيرة صغيرة فقيرة إلى واحدة من أنجح تجارب النمو في العالم حتى اليوم، وارتبط اسمه بـ(استراتيجية التفوق).
الجَعْجَعُ : المكان الضيِّق الخشن الغليظ
هناك تمييز بين القدرة والقوة، فالقدرة هي معطى موضوعي وموارد متاحة، أما القوة فهي ممارسة عملية وقوة الدولة بهذا المعنى تتحدد في ضوء عنصرين: مصادر القوة ثم عملية إدارة وتوظيف تلك المصادر، لذا فإن أياً من مصادر القوة لا يكتسب وزناً وتأثيراً بمجرد وجوده وإنما يرتبط هذا الوزن والتأثير بالتدخل الواعي لتحويل مصادر القوة المتاحة إلى طاقة مؤثرة وسلاح فعال.
وقد وصف عالم النفس الشهير (أبراهام ماسلو) الفرد المصاب بإنعدام الأمن بأنه (شخص يرى العالم كغابة مليئة بالتهديدات، معظم البشر فيها أنانيون وخطيرون، فيشعر أنه مرفوض أو منعزل، مما يجعله قلقاً وعدائياً معظم الأوقات، فهو شخص متشائم وغير سعيد).
فأنت ياعزيزي البرهان محاط بمثل هؤلاء وأصبحوا هم حاشيتك ويقدرمعظم السودانيين وستأخذ منهم هذه الصفات.
نعلم أن المرحلة تفرض عليك أن تجمع بين الأضداد ، و التفاؤل قرين الوضوح وفي السياسة التشاؤم قرين الغموض ، بين التفاؤل والتشاؤم يتوزع كثيرون محاولين الجمع بينهما أو إيجاد توافق ما، يحافظ على بقائهم في خصومة منسجمة تتضافر فيها الثقة والهواجس المقلقة على نشدان التغيير ، السودانيون قليل منهم متفائلين وكثير منهم متشائمين.
نريده تشاؤماً إيجابياً صحياً محرضاً على اليقظة والإنتباه لا نريده مرضياً يرتد على الذات جلداً ولعناً، لا نريده يأساً يعمينا عن الرؤية ويدفع بنا إلى الإصطدام بذواتنا ويقودنا إلى الهاوية ،فلا يمكن أن نرى أجهزة الدولة كلها عرضةً للتشاكس وتفتقد بأن موظفين هذه الأجهزة مرتاحين ومتفائلين، فأنت عرضتهم لضغط نفسي وسقتهم لحالة بائسة لم يعرفوها عن رئيس سوداني لم يشهدوا لها مثيلاً وأعلم أن الانتقالية محكمة مسجلة للتاريخ فقل شهادتك فيها بفعل حاسم وإلا سوف تكون أول ضحاياها.
جعجع الجذور نحرها
الحسم هو إحد المهارات التي لا يتحدث عنها الناس كثيراً، ولكنها مهارة مهمة للغاية للقيادة العظيمة. هل سبق لك أن عملت مع قائد لم يتمكن من إتخاذ قرار بشأنه، كان يسأل الآخرين باستمرار عن رأيهم ولكن لم يصل إلى أية استنتاجات بنفسه؟ إذا كنت قد إختبرت هذا فأنت تعرف إلى أي مدى يمكن أن يكون القائد غير الحاسم مدمراً ومحبطاً.
يخلق القادة الحاسمون نظاماً عقلياً منهجياً. أنهم يفهمون أن الحسم هو حالة ذهنية يتم إنشاؤها بشكل أفضل من خلال الوضوح العقلي. إنهم يقيمون خياراتهم ويقررون خطة عمل ثم يلتزمون بها ، فلايشعر أقرب الأقربين إليك بـ1% من هذا الشعور.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة الانتباهة