الخرطوم ـ «القدس العربي» ـ وكالات: أعلنت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، أن المرحلة النهائية للعملية السياسية في السودان ستقود حتما إلى إنشاء حكومة مدنية وانتخابات وحكم ديمقراطي، فيما توقع رئيس حزب «الأمة» مبارك الفاضل، انهيار الاتفاق الإطاري، بعد إعلان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان رفضه خوض السياسيين في أوضاع الجيش.
وفي 8 يناير/كانون الثاني انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقعين على الاتفاق الإطاري المبرم في 5 ديسمبر/ كانون الأول بين العسكر والمدنيين (ممثلين بقوى الحرية والتغيير)، للوصول إلى اتفاق سياسي نهائي لحل أزمة البلاد.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، في مقابلة نشرها موقع البعثة، الأربعاء: «هذه المرحلة الثانية والأخيرة إن شاء الله في العملية السياسية مهمة جدا طالما كان الهدف منها الوصول إلى تسوية سياسية ستقود حتما إلى إنشاء حكومة مدنية وإلى مرحلة انتقالية جديدة أو بالأحرى العودة إلى الانتقال السياسي نحو السلام الداخلي والانتخابات والحكم الديمقراطي».
وأضاف: «الأمور تسير ببطء، ولكن تسير على المسار الصحيح، أنا متفائل أكثر بكثير مما كنت عليه منذ سنة تقريبا».
وتابع: «صحيح أن هناك أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين، وبين القوى المدنية المختلفة وحتى بين قوى عسكرية وقوى مسلحة أخرى، ولكن هذا الشيء طبيعي، فنحن نعمل في سياق صراع سياسي حاد، ولا نستطيع الانتظار حتى تأتي الثقة لنبدأ العملية السياسية لاحقا، فالعكس صحيح».
ولفت الى أن «الاتفاق خطوة لتشكيل حكومة مدنية جديدة وعلى هذه الحكومة مهمات محددة جدا، فهي ستكون حكومة انتقالية بتفويض محدود وواضح. كما فهمت من السودانيين والسودانيات، عليها أن تنظر وتعالج الوضع الاقتصادي الاجتماعي في الدرجة الأولى».
وأردف: «عليها (الحكومة المرتقبة) أن تراعي تنفيذ اتفاق جوبا بكامل أبعاده (وقع في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020)».
واستطرد: «عليها أن تدخل في مفاوضات مع الحركات التي لم توقع على اتفاق سلام إلى حد الآن، وعليها أن تحضر للانتخابات لتنتهي المرحلة الانتقالية بانتخابات نزيهة، فتبدأ بعد ذلك مرحلة ديمقراطية كاملة».
ولفت إلى أن أكثر من 60٪ من المشاركين بورشة تقييم وتقويم تجربة لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 كانوا من خارج دائرة الموقعين على الاتفاق الإطاري.
وانخرطت القوى الموقعة على الإعلان السياسي في مباحثات لوضع تصورات حول القضايا العالقة المتمثلة في الإصلاح الأمني والعسكري، العدالة الانتقالية، تفكيك نظام 30 يونيو 1989، مراجعة اتفاق السلام، بجانب الأوضاع في شرق السودان.
بيرتس تحدث عن أزمة ثقة بين المدنيين والعسكريين
وحثَّ على أهمية أن تتم عملية بناء الثقة من خلال تدشين عملية سياسية تبحث إيجاد الحلول المشتركة بين كافة الأطراف.
وشدد على أهمية اتخاذ الأطراف عدداً من الإجراءات المساعدة في استعادة الثقة نحو السماح بالتظاهر السلمي دون استخدام العنف ضد المتظاهرين، والتنسيق بين المتظاهرين والشرطة، وإطلاق سراح المعتقلين.
وجزم بأن حماية المدنيين من العنف «أمر يقع على كاهل الدولة، وأن دورهم ينحصر بالعمل مع الحكومة والمجتمع المدني وتقديم المساعدات الفنية لتدريب الشرطة».
وزاد: «في النهاية فإن حماية المواطنين تتوقف على وجود دولة ذات مصداقية في كل مناطق البلد».
«العكس هو الصحيح»
ونفى المزاعم القائلة بتزايد الأصوات المعارضة لاتفاق 5 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي. واعتبر أن «العكس هو الصحيح، إذ رأينا في الأسابيع الأخيرة أن عددا متزايدا من القوى السياسية والمدنية اتصلت بنا، وأبدت رغبة في توقيع هذا الاتفاق. ما يعني أن القبول يتزايد أكثر وأكثر».
وأعلنت قوى سياسية على رأسها حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، والحزب الوحدوي الناصري، الالتحاق بقائمة الموقعين على الاتفاق الإطاري.
إشادة بتصريح حلو
أشاد بيرتس بتصريحات رئيس «الحركة الشعبية ـ شمال»، عبد العزيز الحلو، بشأن العملية السياسية.
وأوضح أن «تصريح الحلو مهم لأنه يثبت أيضا أن إحدى الحركات المهمة التي كانت خارج أي اتفاق سلام حتى الآن تنظر فعلا إلى ما يجري في السودان حاليا بشكل إيجابي ومتفائل».
وتعهد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بأن تعمل البعثة على تيسير مفاوضات السلام بين الحكومة المدنية المرتقبة، والحركة الشعبية بزعامة الحلو.
وكان الحلو قد أبدى لأطراف دولية ترعى مفاوضات إنهاء الأزمة في السودان، استعداده لاستئناف التفاوض للوصول إلى اتفاق سلام، في حال أسفرت التسوية السياسية عن إنهاء الانقلاب، وتشكيل حكومة مدنية.
وتشمل العملية السياسية للتوصل لاتفاق نهائي 5 قضايا، هي: العدالة والعدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة وتقييم اتفاق السلام، تفكيك نظام 30 يونيو 1989، قضية شرقي السودان.
إجازة التصورات
وقال المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، في تصريح صحافي، أول أمس الثلاثاء، إن أطراف العملية ستواصل «النقاش في تصورات مجموعات عمل قضايا السلام والشرق والعدالة الانتقالية، لإجازتها (اليوم) الخميس».
وبين أنه بعد إجازتها سيبدأ عقد مؤتمرات وورش لها، اعتباراً من الأسبوع المقبل.
وعقدت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد، اجتماعا تنسيقيا، بحث تحضيرات النقاشات في القضايا التي لم تعقد لها مؤتمرات.
في المقابل، توقع رئيس حزب «الأمة» مبارك الفاضل، انهيار الاتفاق الإطاري، بعد إعلان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان رفضه خوض السياسيين في أوضاع الجيش، مما يعني مقاطعة ورشة إصلاح القطاعين الأمني والعسكري.
وقال إن أطراف شرق السودان ستقاطع مؤتمر أزمة الشرق، كما ستقاطع حركات مسلحة ورش تقييم اتفاق السلام، فضلا عن مقاطعة أسر ضحايا الاحتجاجات والحرب في دارفور لمؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية
والاتفاق الإطاري شاركت في مشاوراته الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»)، والرباعية المكونة من الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، الإمارات.
ويهدف الاتفاق إلى حل الأزمة السودانية الممتدة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ وإقالة الولاة (المحافظين).
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت في السودان في 21 أغسطس/آب 2019، مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.