كتابات

لماذا قتل الاب حاتم مضوي أسرته في بري بتلك البشاعة ، كيف ولماذا ؟

مصدر الخبر / الراكوبة نيوز

عبدالرحمن الامين
[email protected]
الاثنين 28 نوفمبر 2022
تقول مصادري ذات الصلة الوثيقة بالتحريات الجنائية التي تتواصل علي مدار الساعة في جريمة مقتل أسرة الطبيب البيطري حاتم عباس مضوي ، والتي هزت المجتمع السوداني يوم الجمعة الماضي ، ان الشرطة تمكنت ( فعلا ) من معرفة الجاني بفضل كاميرات سرية بيّنت تفاصيلا كاملة لحركة دخول وخروج القاتل من البناية ، بالساعة والدقيقة والثانية ! . وقالت تلك المصادر ، التي إشترطت التكتم علي أسمائها وهويتها الوظيفية ، ان موعد الاعلان عن الجاني غدا مرهونا بمراعاة حالة الصدمة النفسية العنيفة التي تعيشها أطراف عديدة اولها أسرة القتلي ( رحمهم الله ) ، ومجتمع حي بري العريق الذي يتميز دون سواه من أحياء العاصمة بتشابك مصاهراته الاجتماعية فضلا عن الاحزان المتتالية التي أصابت هذا الحي جراء القتل والقمع المستمر والمنتظم لشبابه مما جعله أيقونة نضالية في الثورة المستمرة فتأهل لتسمية رباعية مركبة هي (حي الشهداء والجرحى والثورة والصمود ) .
وقالت تلك المصادر ذات الموثوقية العالية ان بشاعة الجريمة من منظور عدد القتلي المغدور بهم ، واستخدام مسدس كاتم للصوت ، فضلا عن حالة الامن والهدوء النسبي في هذا الجزء من بري ، كانت ولاتزال من ضمن مسببات الصدمة التي ضربت المجتمع السوداني المعروف بالسلمية وعدم الجنوح لمثل هذه التصفيات الدموية الممعنة في البشاعة والتشفي واللاإنسانية .

من هو القاتل ؟
المتهم الوحيد هو رب الاسرة ، زوج القتيلة واب الاطفال ، الطبيب البيطري حاتم عباس مضوي الذي يعمل في وظيفة رفيعة بشركة شيكان للتأمين.

لماذا قتل ؟
يتمركز الدافع للجريمة حول معاناة القاتل من مرض نفسي مدمر وصفه قاض رفيع نظر قضايا مماثلة واستمع خلالها لعشرات التشخيصات النفسية المتخصصة ،قال مانصه( بلا شك فهو أخطر حالات انفصام الشخصية المسمي بالشيزوفرينيا إذ تسكن وتسيطر علي القاتل شخصية شريرة دموية مؤقتة لا علاقة لها أبدا بالشخصية العادية التي يألفها الناس عن المريض ، لذلك تراهم دوما في حالة عدم تصديق لتصرفاته بل ويتبارون في الدفاع عنه والاشادة بخلقه وسلوكه !) .ورغم انه من المبكر جدا القول كيف اصاب هذا المرض العقلي الخطير الطبيب البيطري حاتم ، إلا ان بعض سلوكياته تعطي قراءة كافية لتأثير الشيزوفرينيا عليه . فقد تقلب كثيرا بين الانتماءات العقائدية بدءا من الاخوان المسلمين ، ثم تقربه من انصار السنة وعند بلوغه درجة من التشدد الديني سافر الي العراق بغية الانضمام لداعش في أخريات أيامها ، ثم بعد عودته نزع للتصوف بل وإختار الطريقة التيجانية ، ومؤخرا عاد الي الاخوان المسلمين. بيد ما يمكن التأكيد عليه هو ان كل هذه المسارات العقائدية ، المتعارضة فلسفيا في بعض وجوهها ، لم تؤثر علي فرص توظيفه ولم تقطع حبال وده مع تنظيم الاخوان المسلمين فقد التحق بالكوميسا ثم عاد والتحق بشركة شيكان للتأمين وهي الشركة المملوكة للمؤتمر الوطني ، وترقي الي أصبح مؤخرا احد المرشحين الاقوياء لتولي منصب المدير العام .
أين وصل التحقيق الجنائي ؟
عملياتيا ، اكتمل التحقيق بنسبة 90 % تقريبا وان تبقت إجرائيًا بعض الاستكمالات الاضافية ومنها ، مثلا ، مضاهاة بعض البصمات ، ومراجعة كشف محادثات الجاني الهاتفية خلال فترات معينة ، ومراقبة القاتل ومراقبته مراقبة حثيثة ولصيقة جدا وهو الامر الذي بدأ منذ لحظة دفن الضحايا . أما موعد القبض علي القاتل ومواجهته بأدلة تورطه ، وانتظاره ليسجل اعترافا قضائيا يعقبه تمثيل كيفية تنفيذه للجريمة ، كل هذا اصبح الشروع فيه مسألة وقت فقط (
“ربما ” يساهم فيها هذا التقرير في التعجيل بخطة الشرطة اذا قدرت بأن الحقيقيات قد انكشفت ، لكن “حتما ” سيتم القبض علي القاتل فورا اذا اراد تنفيذ نصيحة بريئة من بعض الاقارب يوم امس حثوه فيها علي تأدية العمرة للتخفيف عن مصابه !)
عموما أكدت المصادر المتحدثة لي دون تفويض رسمي ، ان القرائن المادية الملموسة Material Tangible Evidence التي ترجح ان المتهم الاول هو من توصلت له الخلاصات التحليلية الجنائية تتفوق في موثوقيتها بنسبة 90% علي كل الادلة الظرفية
Circumstaatial Evidences

المعطيات المادية
1-باب الشقة لم يتم كسره ولا توجد آثار إقتحام بالقوة ( الاستنتاج الجنائي هو ان القاتل يملك مفتاحا للشقة او يعرف طريقة متفق عليها أسريًا للدخول للشقة خلال ساعات معينة من اليوم . وفي ذات الوقت تنعدم تماما فرضية “تفليس” القاتل القفل الخارجي للشقة إذ انه قفل مؤمن ويصعب كسره الا بمعدات كهربائية ثقيلة لقطع أو فك أجزاء . علاوة علي ذلك فان تلك المعدات ولا يمكن تشغيلها في السلم الخارجي المؤدي للشقة .
2-عدم وجود كسر للادراج او الدواليب او سرقة للحلي الذهبية ، الموبايلات او أي شئ آخر ذي قيمة مالية .الاستنتاج الجنائي يستبعد تماما غرض السرقة كدافع للجريمة .
3-القتل والإجهاز تم لاربعة ضحايا في زمن قياسي ( الاستنتاج الجنائي ، القاتل يعرف الضحايا ويعرفونه ولم يقاومونه لعدم إحساسهم بالخطر منه . مثل تلك المقاومة كانت ستكون الصراخ او الهروب العنيف من مسرح الجريمة كالقفز من الشباك او خلافه . سرعة التنفيذ سببها استخدام القاتل للمسدس الخاص به وهو كاتم للصوت عيار (65/7) مليمتر.
4- لم يتم ملاحظة اي خدوش سببها المقاومة والدفاع عن النفس رصدتها عيون المحققين عند معاينتهم جثامين الضحايا في مسرح الحادث ، او عند التشريح الطبي . لو كانت هناك مقاومة للقاتل لحدثت جروح قطعية او عض او كدمات بسبب الرفس او غيرها من أساليب المقاومة للضرر والالام . هذا يعني ان المجني عليهم كانوا في حالة اطمئنان طبيعية للقاتل عندما دخل عليهم في اماكن متفرقة من الشقة .
5- لو كان الجاني شخصا متهجما من الخارج , فكان سيحتاج ، حتما ، لادوات ينفذ بها جريمته بتلك السرعة التي كشفتها كاميرات المراقبة من لحظة دخوله ثم خروجه لزيارة أخيه ثم عودته للشقة ( ليكتشف الجريمة ) كما رشح . فالمسدس ، اداة الجريمة ، والطلقات الاربعة المستخدمة في الاغتيال الغادر ظل القاتل يحتفظ به في اعلي دولابه المغلق في غرفة النوم .
6- بينت آثار الدماء ، و النتائج المختلفة للفحص النووي ، ان القاتل قام بسحب جثة إبنه من حيثما اطلق عليه النار وأدخله في غرفته ( الاستنتاج الجنائي كان القاتل مطمئنا وغير متعجل لمغادرة الشقة فقام باعادة ترتيب مسرح الجريمة للتمويه فقد كان علي علم تام ببرنامج الاسرة وعدم توقعهم لأي زائر . هذه المهمة قام بها القاتل رغم صعوبة تنفيذها لانها تمت وسط شلالات من الدماء النازفة بقوة من الرؤوس التي أعدمها في غرفها
7-الابن المغدور كان يرتدي سفنجة منزلية حتي بعد ان جرّه القاتل الي داخل غرفته مما يرجح الاطمئنان الذي كان يحس به عندما باغته القاتل واطلق عليه الرصاص واراده قتيلا .
⭕️ ⭐️⭕️أخيرا ، لماذا أنشر هذه المعلومات قبل اعلان الشرطة عنها ؟
وظيفتنا الاساسية كصحافيين هي إطلاع الناس علي خفايا الذي يدور ، أيا كان هذا المستور . ورغم عمق الجرح ، وأبعاد هذه المأساة التي ضربت هذه الاسرة ، وهزت كل أركان المجتمع السوداني ، الا ان “واجبنا” كصحافيين في الوفاء “بحق ” الناس في معرفة الاخبار الحقيقية من مظانها ، هو حتما ما يتعين علينا ان نقوم به كواجب مستحق ، من جهة ، وما يفترض ان يتوقعه المجتمع منا . فما هو حق للقراء في وجهه الاخر هو واجب علينا . وبالنتيجة ، فإن كشف ما يتستر عليه المسؤولون بقدر ما نتفهم دوافعه الا أنه لا يلغي حقنا المهني الأصيل في تناوله بمهنية ، والكشف عنه مادام انه هو الحقيقة . فلا خير في صحافة تلغي دورها خوفا او طمعا ، رهبة او وجلا . فمن واجبات الشرطة ، ملاحقة الجرائم واستخدام ادواتها المهنية في في مباشرة التحقيق والوصول للجناة من أجل بسط الامن وتعزيز الطمانينة المجتمعية. وهذه ليست مهمتنا .
واجبنا هو ملاحقة هذه التحقيقات بعين لا تتثاءب والكتابة عنها اذا رأت الشرطة ، ولاعتبارات خاصة بها ، ان تتمهل في الكشف عن ملابسات الجرائم . ومادام اننا نتحدث عن الواجبات ، حرّي بنا ان نذكر ان فجوة الثقة التي تفصل بين المواطن والشرطة لا ينكرها الا مكابر وكيف ان هذه الفجوة زادت اتساعا طيلة سنوات الانقاذ بل وتفاقمت في السنوات التي اعقبت ثورة ديسمبر 2018 المجيدة والمستمرة . فقد اصبح التكتم عن كل جريمة هو ديدن الذي يجري ، فتعودنا ان نقرأ عن حوادث اللامعقول وفي ذات الوقت لا نسمع عن الفعل المعقول وهو تتبع الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة . فكم من هجوم شنته عصابات 9 طويلة علي أبرياء ، وكم من شهيد وجريح سقط في موكب وفي الأحوال رأينا كيف أن التهم ذهبت الي سلة مهملات أشباح يسمونهم تارة
” أطراف ثالثة ” وتارة “مجهولون”!؟
لذلك ، أختم وأقول ، بكل شفافية، انني رفضت الاذعان لطلب من سألني ان انتظر بيان الشرطة قانعا بأن لهم عملهم وطرائق عملهم ، وهذا ليس شأني . فشأني هو نشر الاخبار ( اكرر ، الاخبار المسنودة الحيثيات وليس تحليلات الرأي ). فعندما يتقاعس الورّاقون عن ذلك الدور ستصبح “شمارات ” الواتساب بديلا للصحافة المحترفة الموثوقة ، وستصبح مكالمة عنصرية قميئة من شخص مجهول يدعي انه يتحدث من بوسطن سببا في هياج نذر حملة “داحسية “علي قبيلة كريمة قصدها ساعي الفتنة دون غيرها من 573 قبيلة تتقاسم هذا الوطن المترامي حتي نعلقها علي منصة جمرة الشيطان ونحصبها بكل قبيح !
فالفتنة يخلقها الناس ، ويغذونها بالاشاعات وينفخونها بالتأليب والاستقطاب أما الصحافة فدورها المقدس هو أن تنير الظلام بضياء الحقيقة ، ويالها من مهمة !
الجريدة

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

الراكوبة نيوز