كتابات

محجوب عروة يكتب فشل الممارسات الحزبية والسياسية الضيقة

مصدر الخبر / السوداني الدولية

هل صحيح نحن شعب يجيد الثورات والهدم والانقلابات وفوضى الحريات ويفشل في ممارسة الديمقراطية الواعية وكفاءة وأمانة الحكم لإدارة بلده بما تتوجبه المسئولية الوطنية والسياسية والأخلاقية؟ لا جرم أن الأمر كذلك وإلا قولوا لماذا لا تكون ثورة ديسمبر هي ثورة وعي واستنارة واستقامة وانتقال صحيح وحقيقي وعبور نحو الأفضل وليست ثورة فوضى وغباء وانتقام وتدخل خارجي بأجندته الضارة؟ نعم لماذا ظللنا منذ الاستقلال خاصة عقب الثورات الثلاث لا نجيد ونحسن إدارة الفترات الانتقالية لنعبر بها نحو ديمقراطية وتنمية مستدامة ومتوازنة واستقرار وسلام؟ هل العيب فينا؟ يبدو لي الأمر كذلك فالذين حكمونا منذ الاستقلال وخاصة عقب الثورات الثلاث سواء كانوا مدنيين اوعسكريين لم يأتوا من المريخ بل جاءوا من صلب هذا الشعب الذي ندعي أنه أفضل شعب في العالم إلا أنه اتضح كما ذكر أمس المهندس عمر البكرى أبو حراز في مقاله مستشهداً بملاحظة أحد الحكام الانجليز السيد جاكسون ( المسمى عليه موقف السيارات الحالي) وقبله كما قال أحد المفتشين الانجليز للناظر منعم منصور أنكم شعب يمارس الحسد الذي سيقعده عن إدارة بلده بعد نيله المؤكد للاستقلال.. قال مستر جاكسون أنه لاحظ من صفاتنا التكاره والأنانية والطمع والحقد وعدم التعاون وكثير فساد مالي وأخلاقي نمارسه على عينك ياتاجر لدرجة أننا نحترم وننحني ونخضع ونمجد من يملك السلطة ومن يستغل الجهل بالدين وخاصة من أوتي مالاً كثيراً يبذله من أجل احترام زائف له ومحاولة للتحكم في الآخرين رغم أن الجميع يعرفون أنه جمع ماله حراماً ونفاقاً وخضوعاً لآخرين خاصة لأهل السلطة ولا نعطي نفس الاحترام لمن يملك فكراً مستنيراً وعلماً نافعاً وكفاءة في مهنية يحتاجها الناس أو سلوك مفيد للوطن والمواطن.. لكل ذلك لم ولا ولن نستطع الاستفادة من موارد وثروات بلادنا الضخمة ولا موقعنا الجغرافي الفريد على كافة حدوده البرية منها والبحرية..ولعلي هنا أضيف سلوكاً سيئآ آخر ان معظم السياسات خاصة الاقتصادية منذ الاستقلال وفي كل العهود الديمقراطية منها والتحكمية اتصفت بالغباء الواضح لدرجة دفعت أموال كثير من الناس للخارج تستفيد منها بنوكاً ودول استفادة واضحة ولا يستفيد منها اقتصادنا الذي تحول إلى اقتصاد سري وركود تضخمي وعطالة وفقر.

نعم لم نفهم أن الثورات يجب أن تكون ثورات وعي واستنارة وتغيير في السلوك والممارسة الحزبية والنقابية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الصحيحة.. لم نغير سلوكنا الأخلاقي إلى الأفضل فجعلنا فترة الانتقال الحالية فترة انتقام ومحاولة تحكم مثلما جعلنا انظمتنا السياسية أنظمة للقمع واقصاء الآخر المختلف فجعلنا ما معنا ويؤيدنا هو قديس ولو سرق وأجرم ومن ليس معنا فهو ابليس ولو كان مستقيماً ناصحاً وداعياً لٌلأفضل تجنباً للسقوط والفوضى والانتحار السياسي..

إننا في أشد الحاجة لنفهم ونعي أن الديمقراطية هي سلوك متحضر قوامه احترام الآخر فكرياً وسياسياً و هي الانتقال والتبادل السلمي للسلطة عبر صندوق وورقة الانتخابات وليس عرقلتها لكي ننتقل عبر التحكم أو صندوق الذخيرة ولا الاوانطة السياسية ولو كان من يمارس الانتقال لا يملك تفويضاً شعبياً بادعاء من صار في قمة السلطة سواء عبر صدف السياسة أو عبر انسحاب الثوار الحقيقيين زهداً نبيلاً منها وتواضعاً جماً فيها هو الأحق بالحكم دون الآخرين فيصر على اقصاء الآخرين طمعاً وازدراءا” لجهود الآخرين وربما انتقاماً او أنانية وغدراً..

نحن في أشد الحاجة لنفهم ان الانقلاب الحقيقى ليس بالقفز على السلطة بالقوة العارية اختراقاً للجيش خاصة بدعم خارجي كما حدث بالفعل اواستغلالاً لواقع سياسي واقتصادي او عبر الابتزاز العسكرى ادعاءأ” غير صحيح انما الانقلاب الحقيقي هو انقلاب في المفاهيم الخاطئة والسلوك الضار مثل تقديم المصلحة الشخصية والحزبية على مصالح الوطن العليا والمواطن خاصة الشهيد والجريح والمفقود الذين ضحوا ولم يضحي من آلت اليه السلطة..

للأسف فشلت المناهج التعليمية والتربوية وفشلت الممارسات الحزبية والسياسية الضيقة في تحسين وضع الوطن والمواطن فصورتنا امام العالم صارت صورة فصرنا اليوم كاليتيم في مائدة اللئيم فهل إلى خروج من سبيل؟ أتمنى ذلك فلم نعد نتحمل ما يحدث رغم أن الفضلاء من الناس يمارسون الصبر النبيل فيما يمارس آخرون الصبر المهين وكل ما أخشاه ان يصير حالنا كحال آخرين في العالم خاصة العربي منه يمارسون الغباء الفكري والسياسي والعمى الاستراتيجي بالتعصب والتطرف..

 

عن مصدر الخبر

السوداني الدولية