كتابات

الطاهر ساتي يكتب المفقودة..!!

المفقودة..!!

:: حمد لله على السلامة، لقد عاد الأستاذ الجامعي أحمد حسين إلى أهله بصحة جيدة، بعد ما يقارب الأسبوع من الاختطاف بغرض السرقة حسب روايته.. وكان الأخ الأستاذ ضياء الدين بلال قد كتب عنه وناشد الأجهزة الحكومية بالبحث عنه، ولكن إن كانت الحكومة في حد ذاتها (مفقودة)، فكيف يكون حال أجهزتها المطالبة بالبحث عن المفقودين؟.. لقد خطفوا أحمد ونهبوه، ثم أطلقوا سراحه في منطقة بجوار السوق المركزي بجنوب الخرطوم.. وليس لمن ناشدهم ضياء الدين غير (أجر المنالة)، بحيث أحضروه من السوق المركزي إلى منزله..!!

:: وكما تعلمون، فإن نهاية هذا الشهر – 30 أغسطس – هو اليوم العالمي للمفقودين أو الاختفاء القسري.. والمُراد بهذا اليوم هو لفت انتباه الرأي العام وتذكيره بمن ساقهم القدر إلى مصير مجهول، قد يكون سجناً أو منفى أو موتاً.. وكثيرة هي وقائع الاختفاء الغامض في العالم، ولا تزال الوقائع هاجساً يؤرق بعض السادة بالسلطات العاجز عن حلها.. ورغم تقاعدهم عن العمل الشرطي والأمني لا يزال يزعجهم عجزهم عن حل غموض اختفاء المفقودين..!!

:: ذوي الضمائر يرون أن طي الملفات تحت مسمى (الاختفاء الغامض) ليس حلاً، قيؤرقهم (تأنيب الضمير).. ولكن في عالمنا الثالث (والأخير طبعاً)، لو اختفى نصف السكان لما شعرت ضمائر المسؤولين البكماء بأي تأنيب.. إذ هي ضمائر كالحجارة أو أشدّ قسوة.. وليسو فقط ثوار ساحة الاعتصام، والذين يشكلون حضوراً – في الإعلام – في مثل هذا اليوم، بل هناك آخرين اختفوا أيضاً من حياتنا، ولم نعد نذكرهم كثيراً..!!

:: على سبيل المثال، خرج الطالب محمد الخاتم، نجل المغفور له بإذن الله موسى يعقوب، من منزل ذويه قبل عقدين ونيف، ولم يعد إليهم.. لم تفصح السلطات عن سبب الاختفاء، أعاده الله إلى أهله سالماً إن كان حياً، ويشمله برحمته إن كان ميتاً.. اختفى الخاتم، وظل والده يكتب عنه ويسأل عنه إلى أن انتقل إلى رحمة مولاه، ولا تزال أسرة الخاتم تناشد السلطات لحل طلاسم هذا الاختفاء.. ومع محمد الخاتم، لا يزال اختفاء الشاعر أبا ذر الغفاري لغزاً يُحيِّر العقول..!!

:: اختفاء الفرد – بأن يظل مجهول المصير مدى الحياة – يعكر صفو المجتمع بحيث لا يكون مطمئناً.. وإن كانت الأنظمة غير مطالبة بحماية كل فرد في المجتمع بالرقابة اللصيقة على مدار الساعة، فإنها مطالبة ببذل قصارى جهدها والعثور على أي فرد يختفي طوعاً أو إكراهاً، و هذا ما لم يحدث .. وكذلك الأنظمة مطالبة بحل طلاسم أي اختفاء، ليطمئن المجتمع ولا تُسجل بلاغات اختفاء أفراده ضد المجهول..!!

:: وقد بلغ عُمر اختفاء البروفيسور عمر هارون أكثر من تسع سنوات، أعاده الله سالماً ورحمه إن كان ميتاً، لقد خرج ذات جمعة ليمارس رياضة المشي، و لم يعد إلى منزله.. وهناك آخرون، فقدهم يؤلم أهلهم البعيدين عن الإعلام .. ويصبح مؤسفاً لو تم طي ملفات المفقودين دون معرفة مصائرهم، وهذا ما يحدث حين تكون الدولة في حد ذاتها ( مفقودة )..!!

عن مصدر الخبر

كتب : الطاهر ساتي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي