تقرير: سفيان نورين
لم تمض أيام على منع السلطات السودانية وفد مكونات شرق السودان من السفر لأسمرأ تلبيةً لدعوة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي للمشاركة في مؤتمر تحضيري لحل قضايا الشرق، حتى أعاد أفورقي وكرر دعوته للوفد لزيارة بلاده لحضور ذلك المؤتمر، مما يطرح تساؤلاً مفاده: ما وراء تمسك الرئيس الإريتري باحتضان بلاده المؤتمر؟ وهل ثمة أطماع للرجل أم مساع صادقة لحل الأزمة بالإقليم؟
تجديد الدعوة
وتأتي الدعوة في وقت استنكرت فيه قادة وكيانات من شرق السودان صمت القادة العسكريين إزاء تدخل إريتريا السافر بدعوتها زعماء قبائل وقادة سياسيين من الشرق لحضور مؤتمر يناقش قضايا الشرق.
ويوم الثلاثاء الماضي أعلنت تنسيقية شرق السودان تلقيها دعوةً ثانية رسمية من الرئيس الإريتري اسياس أفورقي لزيارة أسمرا للمشاركة في مؤتمر الشرق.
وذكر عضو التنسيقية مبارك النور لـ (الإنتباهة) أن دولة إريتريا جددت الدعوة لمكونات شرق السودان لحضور مؤتمر قضايا الشرق بأسمرا، عقب فشل تلبية دعوة أفورقي السابقة.
صمت حكومي
وبيّن النور أن الزيارة ستتم براً وأن هناك مطالبات بتقليص الوفد المشارك في المؤتمر، ورجح أن تتم الزيارة خلال أيام حال نجاح الترتيبات.
وبالمقابل لم توضح السلطات السودانية موقفها من تلك الدعوة المتكررة، واكتفت وزارة الخارجية بالقول إنها تسلمت المبادرة الإريترية وسترد عليها.
في حين توقع مراقبون أن تستدعي وزارة الخارجية السفير الإريتري في الخرطوم على نحو عاجل احتجاجاً على تدخل بلاده في الشأن السوداني مما يعد انتهاكاً للسيادة الوطنية.
وفي الأسبوع الماضي منعت السلطات وفداً أهلياً وسياسياً من الوصول لدولة إريتريا للمشاركة في ملتقى يرعاه الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لبحث قضايا الشرق.
منع السفر
وذكرت تنسيقية شرق السودان لـ(الإنتباهة) أن السلطات السودانية بالحدود منعت الوفد من السفر وأعادته إلى ولاية كسلا، وأن السلطات أبلغتهم بعدم تلقيها إخطاراً من حكومة المركز بمغادر وفد رسمي إلى إريتريا.
وتابع عضو التنسيقية للصحيفة) قائلاً: (عقب أن سلمنا جوازاتنا رجع الوفد الممثل لكل نظارات القبائل والكيانات السياسية والناظر سيد محمد ترك إلى كسلا).
ولفت إلى تسلمهم دعوة رسمية من الحكومة الإريترية لحضور اجتماع لفرقاء شرق السودان بالعاصمة أسمرا.
ويضم الوفد عدداً مقدراً من العمد والنُظار وقيادات سياسية، أبرزهم ناظر عموم الهدندوة محمد الأمين ترك وممثل لناظر عموم البني عامر ومساعد الرئيس المعزول موسى محمد أحمد إضافةً إلى رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة الأمين داؤود.
موافقة السلطات
وفي مطلع أغسطس الجاري وجهت الحكومة الإريترية الدعوة للعشرات من زعماء العشائر في شرق السودان لحضور مؤتمر تعتزم أسمرا انعقاده لمناقشة قضايا إقليم شرق السودان.
وبحسب قيادي بارز بشرق السودان أن هناك موافقةً تامة من الحكومة السودانية على مبادرة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لحل الأزمة بين فرقاء شرق السودان، إزاء اتفاق أبرم بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان والرئيس الإريتري أسياس أفورقي على عقد مؤتمر بأسمرا لمناقشة قضايا إقليم الشرق، قبل أن تعود السلطات السودانية وتمنع وفد الشرق من السفر إلى إريتريا.
تعزيز الأمن
وفي أبريل الفائت تقدمت الحكومة الإريترية بمبادرة لحل الأزمة السودانية، فما أعربت (الخرطوم) عن تقديرها لمواقف (إريتريا) لمعالجة الأزمة بين الفرقاء السودانيين.
ورحب وقتها عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي بكافة المبادرات والجهود التي تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد ومعالجة الأزمة السياسية الراهنة.
نزاع سلطوي
الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة عدّ إصرار أسمرا وتدخلها في حل قضايا شرق السودان، بأنه نزاع سلطوي وتملق وفرض صولجان من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لبسط نفوذه، لاسيما عقب نزاع بلاده أخيراً مع دولة الصومال.
وبيّن أبو شامة في حديثه لـ (الإنتباهة) أن التدخل الإريتري في الشأن السوداني ليس من مصلحة البلاد، لجهة أن افورقي يسعى لإثبات وجوده بحل كل أزمة في شرق السودان، حال صمت الخرطوم تجاه ذلك.
ضعف حكومي
وتابع قائلاً: (كل الأمر ان الرئيس الإريتري يريد سلطاناً وأن لديه إحساساً بالدكتاتورية والإغراء بالانضمام إلى إريتريا).
وشدد الخبير الدبلوماسي على ضرورة عدم منح أفورقي أية فرصة للتدخل في الشأن السوداني وانتهاك السيادة الوطنية.
كما عاب على السلطات السودانية ملازمة الصمت تجاه دعوة الرئيس الإريتري لمكونات الشرق للمشاركة في مؤتمر لحل قضايا إقليم الشرق ببلاده، وأعتبر ذلك ضعفاً من الحكومة.
لكنها عاد وقال إن الحكومة مشغولة بالقضايا الداخلية، لاسيما النزاعات في ولايات البلاد.
خرق الأعراف
ويذهب المحلل السياسي والمختص في الشأن الإفريقي يوسف محمد يوسف الى أن دعوة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي خرق واضح للأعراف الدولية والدبلوماسية المتعارف عليها، لاسيما أن إريتريا لم تخطر الخرطوم رسمياً بتلك الدعوة، وأن السلطات السودانية تفاجأت بزيارة وفد من مكونات شرق السودان لإريتريا للمشاركة في مؤتمر لحل قضايا سودانية.
ورأى يوسف في حديثه لـ (الانتباهة) أن تلك الدعوة مساعٍ حثيثة من الرئيس أفورقي لبسط نفوذه على الإقليم، لجهة أن السلطات السودانية منهمكة في قضايا الانتقال والنزاعات في ولايات البلاد.
استدعاء السفير
كما اعتبر أن مكونات الشرق أخطأت عند قبولها دعوة الرئيس الإريتري، لكنه عاد وقال إن الخطأ الأكبر يقع على الحكومة السودانية التي سمحت للسفارة الإريترية وسفيرها باللقاء مع مكونات سياسية داخل البلاد، وفقاً لقوله.
في وقت استنكر فيه صمت السلطات السودانية متمثلة في وزارة الخارجية بعدم استدعاء سفير إريتريا بالخرطوم وإبلاغه بالاحتجاج على تدخل بلاده السافر في الشأن السوداني.
المصدر من هنا