تحب تفهم تدوخ مثل شعبي عميق يضربونه الإخوة التوانسة عند اضطرابِ الأحوال عندهم سياسية كانت أو اجتماعية، ويستخدمونه عندما تغيب الرؤى وتنعدم الحُلول، يعني لا تجهِد نفسك في البحث عن فهم ما يجري حولك فلن تصل إلى شئ، وهو بالضبط ما ينطبق علينا ونحن نعيش في ظلِ الراهن السياسي المُرتبِك، لا رؤى ولا خُطط ولا مُعطيات واضحة تُغني الناس عن السؤال من مآلات الأوضاع، حالة نادرة من الفوضى تمددت في بلادنا، أدخلتنا في دائرةٍ مُفرغةٍ ظللنا ندور داخلها بلا وعي، الله وحده أعلم متى وكيف لنا الخروج منها، بعد أن أضاع مرضى السُلطة بصراعاتهم مفاتيح أبواب الحل المُغلقة.
حملت لنا الأخبار مُغادرة فولكر بيرتس مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، إلى الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور لعقد لقاء مع الفريق أول محمد حمدان دقلو، الذي غادر إليها هو الآخر قبل أكثر من أسبوع وسيظل فيها لعدة أيام حسب الأخبار، لا علم لنا ما هي الأسباب والدوافع التي دفعت دقلو للقيام بهذه الخطوة، في وقتٍ تُحاصر فيه الاضطرابات العاصمة من كُل أطرافها، والقتال يدور فيه بشدة في الفشقة، ولا ندري ما هي الأسباب التي دفعت فولكر لأن يلحق به هُناك، ومنعته من الانتظار في الخرطوم إلى حين عودة الفريق دقلو إليها.
يا تُرى ماذا يحمل فولكر لحميدتي، هل تتعلّق رحلته إلى الجنينة بما تشهده العاصمة هذه الأيام من تظاهراتٍ واضطرابات، أم تتعلّق الزيارة العاجلة بمفاوضات العسكر مع الحرية والتغيير والتي رشحت الأخبار بتجاوزها للكثير من الخلافات، أم أنّ للرحلة المُفاجئة علاقة بحوار الألية الثلاثية المُجمّد، أو رُبما خرج منّا حميدتي مُغاضباً ولحق به فولكر لترضيته، عدد من الأسئلة تظل حائرة إلى حين عودة فولكر من الجنينة، ليُفصِح لنا (إن) أراد الكشف عن مضمون هذه الزيارة المُحيِّرة.
هل جاءت الزيارة بطلبٍ من فولكر أم استدعاء عاجل من حميدتي، وهل يملك حميدتي شيئاً لا نعلمه يُمكن أن يفك به فولكر جُمود مبادرته، ثُم ما هي الصفة التي سيلتقي بها حميدتي فولكر، هل سيلتقيه باعتباره نائباً لرئيس مجلس السيادة، أم بصفته قائداً عام لقوات الدعم السريع، أم أنّ رئاسته للجنة الرباعية في المفاوضات، هي التي قادت فولكر لضرورة التواصُل معه ومحاولة معرفة رأيه حول التطورات الأخيرة في الساحة السياسية، وما أكثر الأسباب التي تدفع الرجُل للتواصُل مع دقلو، ولكن تكبُد فولكر للمشاق وسفره للجنينة في هذه الظروف المُعقدة يدفعنا للوقوف والسؤال عن الأسباب الحقيقية من الزيارة.
ماذا يُريد فولكر من حميدتي..؟
بعيداً عن الزيارة نقول..
واهمٌ من يظُن أنّ مفاتح حل مُشكلاتنا المُعقدة في يد الغير، فالحل في أيدينا نحن (إن) فتحنا للوعي عقولنا وقلوبنا وسمحنا له بالدخول إليها لضبطها وإعادة تشغيلها من جديد.
الجريدة
المصدر من هنا