الخرطوم: محمد جمال قندول
دخلت البلاد امس الاول الخميس في اجازة قسرية، وذلك في اطار تداعيات تظاهرات الثلاثين من يونيو التي دعت لها تنسيقيات لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير جناح المجلس المركزي، والتي جاءت لتطرح العديد من التساؤلات في مقدمتها ضرورة ايجاد حل سياسي ناجع، ففي الوقت التي تتداعى فيه الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والايقاد لرسم معالم حل للازمة السياسية المشتعلة منذ قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر تحت مسمى الآلية الثلاثية، وذلك برعايتها لحوار مباشر بين الفرقاء، فان الدعوات مازالت مستمرة للتظاهرات عاكسة وضعاً مضطرباً للبلاد.
(١)
ويرى الامين السياسي للحزب الجمهوري حيدر الصافي ان خروج المتظاهرين في الثلاثين من يونيو خلف مشهداً سياسياً جديداً، غير انه ازداد تعقيداً وربما يسفر عن واقع جديد.
ويشير محدثي الى ان ما حدث امس الاول قد يدفع الضمير الوطني لدى القوة السياسية للتوافق فيما بينها.
واعتبر الصافي ان واحدة من اشكاليات الازمة الخلاف بين القوى السياسية المدنية، ولا بد لهم ان يعملوا على رسم ملامح الدولة المدنية.
وبالمقابل فإن المحلل السياسي والكاتب الصحفي محمد عثمان الرضي يرى ان احتجاجات امس الاول غيرت المشهد السياسي تماماً، وذلك من خلال الشعارات التي ظل يرددها المحتجون التي لا تقتنع لا بالمكون العسكري ولا بقوى الحرية والتغيير، وأضاف قائلاً: (الأحزاب السياسية السودانية كانت تراهن وبصورة كبيرة على نجاح مليونية (30) يونيو وفقاً لخطها السياسي ولتحقيق أجندتها ولكن كل ذلك لم يحدث، وبات ان اغتيال الجنود السودانيين في الحدود الشرقية قد رفع أسهم الجيش ووحد الجبهة الداخلية، وكان ذلك خصماً على قوى الحرية والتغيير، وكذلك الخطوة الاستباقية للتيار الإسلامي العريض قبل يوم من المليونية بتنظيمه حشداً جماهيرياً ووقفته مع الجيش قد أربكت المشهد السياسي واعادته إلى دائرة الضوء، وايضاً الإدانات الدولية لأحداث الفشقة قد رفعت أسهم العسكر وخطفت الأنظار وقللت من تأثير المليونية).
(2)
المحلل السياسي د. بدر الدين رحمة بدوره علق على معرض الطرح، وقال ان التظاهر حق مكفول غير ان المرجو منه دائماً الفائدة، وتابع رحمة قائلاً: (كان ينبغي على الحكومة ان تعطيهم اعتبارهم حتى لا يواجهونها بالعنف والدولة مسؤوليتها تجنب العنف).
ويشير محدثي الى ان البلاد تمضي نحو الهاوية، ومن الافضل ان تجلس الاطراف لادارة حوار مجتمعي يحقق الاستقرار والتوافق، وعلى كل طرف منهم ان يتنازل عن مطالبه بعض الشيء حتى يتم الوصول الى صيغة توافقية تقود البلاد نحو السلم.
واعتبر رحمة ان اقصاء اي تيار سيجدد الازمة، الامر الذي يتطلب اجراء حوار مجتمعي شامل يجمع اليمين واليسار وكل الانتماءات والمكونات.
ويرى مراقبون ان تقييم تظاهرات الثلاثين من يونيو بحجم الذين تداعوا لها غير منطقي، واعتبروا ان خروج ولو مواطن واحد يعني ان هنالك ازمة ينبغي ان تجد استجابة.
وحذر مراقبون من ان استمرار الاوضاع على هذا النحو قد يقود البلاد نحو فوضى شاملة حال استمرت الدعوات دون الوصول الى تسوية سياسية تفضي الى استقرار الاوضاع.
غير ان المراقبين اشاروا ايضاً الى ان تجدد التظاهرات دون وجود من يقودها سياسياً غير مجدٍ، ولن تجبر الاطراف المتنازعة على تحمل المسؤولية، غير انها تحدث حالة من الفوضى والارتباك في دولاب الدولة وتعكس صورة عن عدم استقرار للبلاد وتسهم في عزوف المستثمرين عن الاستثمار وتوقف دولاب الانتاج.
ويرى المراقبون ان قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكونات السياسية الاخرى ليست لها اية تأثيرات على الشباب الذين فقدوا فيهم الامل لارتباكهم وعدم تحملهم مسؤولية الازمات، عوضاً عن المظهر السالب التي عكسته النخب السياسية عبر اشكال التفاوض حول الازمة السياسية، الامر الذي جعل الشباب يفقدون الثقة فيهم ويجنحون الى الدعوات للتظاهر عبر كيانات اخرى.
(3)
حراك الثلاثين من يونيو احدث ازمة داخل القوى المعارضة، فالحزب الشيوعي اتهم حزبي الامة والمؤتمر السوداني باستغلال التظاهرات لصالح اجندتهما الحزبية.
وبعد مرور التظاهرات ينتظر ان تدخل الآلية الثلاثية في ضغوط حقيقية في سبيل ايجاد حلول سياسية للفرقاء السودانيين مع التمسك بضرورة الحوار الشامل.
المكون العسكري لم يرد منه تعليق حتى الآن، فيما تتمسك واشنطون بضرورة ان تصل الاطراف المتنازعة الى تسوية، مع انباء عن رهن المساعدات بمصير الحوار.
المصدر من هنا