يبدو أنَّ التسوية التي كانت تعد على نار هادئة أصبحت الآن في مهب الريح، وليس ذلك فقط بسبب الاعتراض والرفض شديد اللهجة على هذه التسوية، ولكن بسبب أن أحد أضلعها مشغول الآن بالأحداث التي تدور رحاها مع دولة إثيوبيا، والاستفزاز الذي قامت به إثيوبيا بـ(عين قوية) وهي تقتل جنوداً أسرى سودانيين وتمثل بهم من خلال تركهم في العراء وتصويرهم، وغيرها من التصرفات. جاءت ردة الفعل عليها على نحو أن انتقل ثقل الجيش وقياداته لإدارة وجهه إلى ناحية أخرى، وأدار دفة اهتمامه إلى موقع آخر وأحداث أخرى ليس من بينها على مايبدو، شراكة مرتقبة أو تقارب مرتقب إو إعلان متوقع لتسوية سياسية مع بعض الأحزاب.
وقبل انشغال المكون العسكري عن خطوات التقارب بينه وبعض من أحزاب قوى الحرية والتغيير، تسببت ردة فعل عنيفة صدرت من قوى سياسية من داخل مركزي الحرية والتغيير، رافضة لمشروع تسوية كان يعد وكان متوقعاً أن يعلن عنه قبل يوم 30 يونيو.
التسوية لم تكن بعيدة وهي من أبرز مخرجات التواصل الذي كان سائداً خلال الأيام الماضية بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري، وكانت تسوية تمضي على قدم وساق بدليل أن المعلومات التي تسربت وبرزت إلى السطح، تتحدث عن توقيت إعلان هذه التسوية مما يعني أن خطواتها قطعت شوطاً بعيداً.
لكن ماقطع هذا المشوار هو حالة الرفض والاعتراض الذي تولته مجموعة من قوى الحرية والتغيير، وقادت دفة الرفض لهذا المشروع حتى انتهى به الأمر للتأجيل.
الذين تحدثوا عن هذه التسوية التي تأجلت دون تحديد موعد آخر لها لم يجدوا لها تعريفاً سوى أنها شراكة بصيغة جديدة بين تلك القوى والعسكر، وهي شراكة تمثل تقاطعات كبيرة بين فحوى التسوية ومطالب القوى بتسليم السلطة للمدنيين، وهي أشبه بالشراكة التي كانت تتسيد المشهد من قبل في حقبة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، أو شراكة ماقبل تاريخ 25 أكتوبر.
ومعروف أن قوى الحرية والتغيير رسمت ثلاث مراحل للتفاوض، وإن سارت الأمور هكذا بالحديث عن تسوية بينهما، فإن المكون العسكري وحسب المعلومات التي تكشفت عن مشاورات في سبيل البحث عن تسوية، يكون قد منح أحقية في وجوده طرفاً مفاوضاً وشريكاً أصيلاً من خلال الاعتراف به كطرف في التسوية وفي كيفية الوصول إليها.
الأصوات التي رفضت بدأت بالاعتراض على إعلان المبادئ الخاص بمطلوبات إنهاء كل مايتعلق بتاريخ 25 أكتوبر وانقلاب المكون العسكري، وعلى نحو خاص كان لمجموعة أحزاب ممن يميلون للتوجه اليساري، كان لهم القدح المعلى في إبداء تحفظات واضحة تجاه مايجري.
الآن المعلومات التي تتحدث عن إرجاء الإعلان عن تسوية بسبب اعتراض قوى سياسية، قد تضاف لها الظروف التي تحيط بالشريك الآخر، وربما كانت تسوية في مهب الريح.