السودان الان

تنصل عنها  الأصل وأنكرها (برمة) الوثيقة السودانية..تفاصيل البحث عن توافق      

مصدر الخبر / صحيفة السوداني

الخرطوم : الزين عثمان

معزولة  ومنحازة للعسكر  وتمثل وجهة النظر الحزبية لأصحابها   الذين من الممكن أن يصبحوا  حاضنة سياسية للحكومة المنتظر تكوينها  لكنهم على أي حال لن يكونوا  هم حاضنة الثورة    بهذه  العبارات  وصف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر ما  أطلق عليها  الوثيقة  السودانية  التوافقية لإدارة الفترة الانتقالية   معلناً  عن  رفض حزبه لها أو الانخراط فيها  كإحدى   آليات  علاج الأزمة السياسية   في  راهن سودان ما بعد انقلاب  25 أكتوبر.

حاضنة بديلة

نفض الشعبي يده  عن  الوثيقة  كان مجرد مشهد واحد من مشاهد متعددة  برزت في الساحة  عقب  تداول الحديث عن 79 حزبًا وحركة   وقعت على الوثيقة في  سبيل تدشين واقع سياسي جديد   بحسب  الأخبار المنشورة ساعتها فإن حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الأصل  على رأس  التحالف الجديد  وهو  ما طرح الأسئلة حول الوثيقة الجديدة  ومن يقفون خلفها   ومستقبلها  في صناعة حاضنة بديلة تساهم  في تشكيل  حكومة في السودان؟ 

توحيد المبادرات

بالنسبة  للبعض فإن وثيقة التوافق السودانية  لم تكن سوى محاولة  تهدف بشكل رئيسي  لتوحيد المبادرات السياسية في مبادرة واحدة ما يسهل التعاطي معها ويقرب شقة الخلاف  ويقود في آخر المطاف  للوصول إلى حل، الحديث عن توحيد المبادرات  كان أحد ما جاء في التبريرات التي صاغها  رئيس حزب الأمة القومي المكلف   لمشاركته في  المبادرة والإعلان عنها  قبل أن تكشف مصادر عمن يقف من خلفها  وتربط بينه  والنظام المحلول    وهو ما يعني أن الدعوة  للتوافق لا تعدو سوى كونها محاولة  لإعادة  منسوبي وقيادات النظام البائد إلى المشهد مرة أخرى وكأن شيئًا من الثورة لم يحدث   وفي الجانب الآخر فإن نجاح المبادرة  بشكلها الذي قدمت به  وبوضعها القوات المسلحة كراعٍ للفترة الانتقالية فهي لا تعدو غير محاولة جديدة   لشرعنة انقلاب 25   أكتوبر بحسب كثيرين  وهو  أمر  مرفوض  ومن كثيرين   ويفسر لحد كبير الموقف  من   دعوات الحوار  ومبادرات  قدمت لأجل الحلول.

شرعنة الانقلاب

من على منصات  إعلامية  متعددة  تم نشر صورة للرئيس المكلف لحزب الأمة القومي برمة ناصر وهو يقوم بالتوقيع على  وثيقة التوافق  وهو  ما  دفع  بالكثيرين  لمهاجمة الحزب ورئيسه  صاحب الخلفية العسكرية  والساعي  لشرعنة ما تم  في 25 أكتوبر   منذ بدايته   الأمر كان كافيًا  لأن  تتحرك المؤسسات الأخرى داخل الحزب وأن يصدر بيان من الأمين العام للأمة الواثق البرير يقول فيه إن توقيع رئيس  الحزب على الوثيقة لا يمثل المؤسسات الخاصة بالحزب الذي حسم موقفه  بضرورة العمل على تصفية ما اسماه انقلاب  25 أكتوبر  واستعادة الشرعية الدستورية .  المفارقة  أن  برمة نفسه سرعان ما  تملص عن توقيعه  على الوثيقة    استجابة للضغوط  الكبيرة التي مورست عليه أو التزامًا  بمطلوبات  الشارع في  ثلاثية لا شراكة لا شرعية لا تفاوض   وما حدث مع حزب الامة  تكرر أيضًا مع الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي أصدر بيانًا أكد فيه أن توقيع محمد  حاكم لم يكن بتوجيه من الأصل  في  خطوة أخرى من خطوات التنصل عما  تم .

إعادة استنساخ

يتهم الكثيرون   سلطة الأمر الواقع في السودان بأنها تسعى لاستنساخ  تجربة  النظام السابق التي  انهتها الثورة   وذلك بالقراءة من نفس كراسة الحوار الوطني فما يجري الآن  لا يتجاوز كونه محاولة لقيادة الناس نحو قاعة الصداقة مرة أخرى  في  نسخة جديدة من الوثبة،  أصحاب هذه الرؤية يدعمونها   بالنظر إلى اسماء  الأشخاص والكيانات المشاركة الآن في  التوقيع على الوثيقة التوافقية وهم يمثلون ولحد كبير المجموعات المنتفعة التي كانت  تدور في فلك النظام المخلوع  والتي سقطت معه  في إبريل 2019   دون أن يغادره حلم استعادة المزايا   والتي  يوفرها النظام الحالي في سعيه المحموم لشراء  القبول والشرعية،   الطرفان  يكملان بعضهما  في هذه المعادلة  التي   لن يكتب لها النجاح في ظل الظروف الماثلة الآن وفي سودان ما بعد ديسمبر  مقرونًا ذلك بإصرار كبير على عدم العودة للوراء    وأن الردة مستحيلة .

كثيرون لا يفصلون بين   الوثيقة الجديدة مسار النقاش وبين الحراك  المحموم   لقيادات  الانقلاب  وسعيهم  المحموم بغية وضع نهاية للأزمة السياسية بما يمكنهم من  التحرك على المستوى الدولي  ولعل آخر ذلك ما جاء في  الدعوة المفتوحة للحوار التي أطلقها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي أعلن من خلالها استعدادهم  لمغادرة المشهد كعسكريين حال توافقت القوى المدنية علي هذا المطلب.

لجان المقاومة تتجاهل

المبادرة التي تنصل  عنها الاتحادي  وأنكر رئيس الأمة علاقته  بها   كان موقف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير واضحًا  حين  أعلن رفضه  لها بل أن الضغوط التي مارسها منسوبوه هي التي دفعت بحزب الامة لإعلان موقفه المؤسسي منها    وفي السياق نفسه فقد أعلنت الجبهة الثورية برئاسة الهادي إدريس  عدم علاقتها بها أو بالتوقيع عليها وهو ذات ما فعلته حركة الطاهر حجر    في خطوة بدت وكأنها    تضع النهاية لأي إمكانية  للمساهمة في الحل  وتؤكد على حقيقة أن ما يجري هو محض إعادة لسيناريو الحوار الوطني مع تغيير  من يقوده فقط    في وقت بقيت فيه كل آلياته مثلما كانت عليه   في السنوات السابقة .

اما فيما يتعلق بموقف لجان المقاومة من مبادرة التوافق  فحتى  الردود المعتادة علي مثل هذه التحركات بنشر بيانات رفض غابت  عن وسائل التواصل الاجتماعي  وهو مؤشر واضح على الموقف الرافض لها  في وقت تبدو فيه لجان المقاومة  مشغولة الآن بحراكها  المقاوم للانقلاب وبحراكها  المنطلق على أساس قيم الوفاء لشهداء الثورة السودانية  وهو الوفاء الذي  تتضح معالمه في ضرورة تحقيق غايات  الثورة  في إنجاز سودان للحرية السلام والعدالة.

لاعب غير رئيسي

 في السؤال  حول هل سيصبح الـ79 حزباً وحركة  الحاضنة السياسية البديلة لقوى الحرية والتغيير ؟  في آخر تصريحات له فإن القيادي بقوى الحرية والتغيير وأحد  أبطال التوقيع وصياغة الوثيقة الدستورية المنقلب عليها ساطع الحاج فإن  قوى الحرية والتغيير لم تعد هي اللاعب الرئيسي في المشهد السياسي وأنها فقدت الكثير من رصيدها  الذي امتلكته في العام 2019  الأمر يحتوي على قدر كبير من الحقيقة  . لكن ذات الحقيقة تؤكد على أنه ومن الصعوبة بمكان   أن تصبح الـ79 حزباً  التي لا يعرف البعض  تفاصيلها كاملة هي البديل أو الحاضنة  لحكومة الفترة الانتقالية  أو لحكومة واقع ما بعد قرارات الـ 25 من أكتوبر .

المحسوم الآن أنه لا جديد  فيما يتعلق بالمشهد السياسي وأنه لا مناصرون جدد  لحكومة  الانقلاب  وأن الأمر سيكون مثلما كان عليه صبيحة   القرارات  حيث إن العسكر الذين يرغبون في إصلاح المسار الانتقالي  يجدون أنفسهم مدعومين  بتحالف  الحرية والتغيير جناح التوافق الوطني  ما يعني  أن  إضافة مكونات جدد للحاضنة القديمة باءت بالفشل  وانتهى بها المقام  إلى المرور مرة أخرى بشارع الحوار الوطني  نسخة النظام السابق.

دعوات البرهان

تزامنت المحاولة لصياغة توافق عبر الوثيقة المعلنة مع دعوات قائد الانقلاب في السودان، عبد الفتاح البرهان، للحوار، وتعهداته بإطلاق سراح المعتقلين والنظر في حالة الطوارئ، مع ردود فعل واسعة وسط القوى السياسية بين الرفض والقبول.

 

طرح حديث قائد الانقلاب، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في الإفطار الذي دعا إليه عضو مجلس السيادة  الانقلابي ياسر العطا، قبل أيام، كثير من التساؤلات حول ما إذا كانت الدعوات مناورة سياسية تستهدف فك العزلة المفروضة على النظام، ام أنها توجه حقيقي للتسوية، لا سيما وأن الرجل تحدث صراحة عن إطلاق سراح المعتقلين والحوار ومراجعة الطوارئ.

 

وجاءت التصريحات في وقت كثر الحديث عن تسوية سياسية بين الفرقاء السودانيين، بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

 

وسبقت هذه الأحاديث، عمليات إفراج لقادة في صفوف نظام المعزول عمر البشير، لما قيل إنه محاولة للاستقواء داخلياً، والضغط على الحلفاء الخارجيين للمسارعة في دعم الانقلاب اقتصاديًا.

 

وغازل البرهان في تصريحاته آنفة الذكر، القوى السياسية والمجتمع الدولي مجددًا، بالحديث عن تسليم السلطة للمدنيين والعمل لتهيئة مناخ قيام انتخابات مبكرة بمساعدة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

 

وربما تشير التصريحات من ناحية، إلى أن قادة الانقلاب وصلوا إلى طريق مسدود في ظل الحراك الذي يشهده الشارع والمقاطعة الدولية التي تشترط عودة الحكم للمدنيين حتى يتم تقديم  المساعدات التي وعدت بها الدول الصديقة والشقيقة.

 

 

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة السوداني