كتابات

عادل الفكي يكتب تجريم الشيك ما بين الإلغاء والإبقاء

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

د. عادل عبد العزيز الفكي
[email protected]

كتبت على هذه الزاوية مقالا قبل يومين أشرت فيه الى أن تعديلاً أجري على القانون الجنائي في ثمانينيات القرن الماضي، جعل من عدم سداد الشيك جريمة جنائية، ونص على عدم جواز الإفراج بالضمانة عن كاتب الشيك إلا بإيداع قيمته. وفي مرحلة المحاكمة نص على بقاء المدان بالسجن لحين السداد.
كان غرض المشرع إضفاء الحماية على الشيك، وجعله وسيلة مضمونة للسداد، ولم يخطر بباله حين ذاك أن هذا التعديل سيصبح كارثة في السودان.
ناديت في نهاية المقال بإجراء تعديل في القانون الجنائي بجعل المعاملات المالية غير مجرمة جنائياً، على أن يسري التعديل بعد ثلاث سنوات، تعيد فيها البنوك تصميم ضمانات قروضها، حتى لا تتضرر من الإلغاء الفوري لمواد تجريم الشيك.

تلقيت العديد من التعليقات على هذه المادة ما بين مؤيد ورافض لفكرة الإلغاء، ومن ذلك تعليق المهندس عمر حسن عمرابي المدير السابق لشركة الخدمات المصرفية EBS: الذي قال: (أتفق مع الرأي الذي يقول بتحويل قضية الشيك إلى مدنية، لكن لا بد أولاً من توفير كل العناصر التي تضمن ان المحكمة المدنية لديها كل الآليات لإنصاف الدائن، وهذا يحتاج الى إصلاحات كبيرة في عدة مناحٍ مثل قانون الشركات والأراضي والضرائب وغيرها. حتى يمكن سد الثغرات التي تتيح للمدين التهرب من دفع الشيك دون عقاب، هذا طبعاً إضافة لإصلاح المنظومة العدلية وتقويتها، أما التحويل الفوري فهذا يعني اختفاء الشيك كوسيلة لممارسة الأعمال.

أما اللواء شرطة (م) عماد الدين ميرغني جمال (المحامي) فقد أوضح أنه لا يتفق مع الراي الذي يتعاطف مع مجرمي الاحتيال بالشيكات، ويجعل منهم ضحايا على حساب المجني عليه ضحية جريمة الاحتيال بالشيك. والرأي عنده أن المحتال بالشيك المرتد مجرم مثل بقية المجرمين، وليس هناك مبررا للتعاطف مع مجرمي الشيكات من زاوية أنهم يكلفون الدولة ويملأون السجون فالسارق أو تاجر المخدرات أو غيره من المساجين يكلفون الدولة ببقائهم بالسجون.
ويتفق مع هذا الرأي د. ياسر عنقال مدير مركز أبحاث علم الجريمة الخرطوم الذي يقول: (إن المتهمين في مثل هذه القضايا معظمهم يحررون هذه الشيكات مع سبق الإصرار والترصد وهم يعلمون علم اليقين أن الرصيد لا يكفي للسداد أو أن الحساب أصلاً مغلق منذ فترة وبدراسة بسيطة ستقف على أحوال كثير من المتهمين بالسجون الآن أنهم يعلمون جيداً أنهم سيقبعون بالسجون، بل أكثرهم يدير أعماله التجارية من داخل السجن بنفس الأموال التي احتال عليها ولذلك عندما حول المشرع المادة من مدني إلى جنائي كان ذلك بمسبباته المنطقية. ومحاولة إرجاع المادة إلى مدني مرة أخرى أعتقد أنها ستعقد من المشكلة لأن المعاملات التجارية في السودان أصلاً قائمة على اللامبالاة والسبهللية وعدم المسؤولية، وما تجارة الاحتكار والسمسرة واللف والدوران في الأسواق إلا نماذج حية لذلك بالرغم من توفر الفرص الاستثمارية والتجارية في هذه الأسواق).

تعليق: الباب مفتوح للتداول حول هذا الموضوع المهم.
والله الموفق.

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي