كتابات

رقية الزاكي تكتب ربكة سياسية

مصدر الخبر / الحراك السياسي

لايخلو المشهد السياسي الراهن من حالة ارباك واضحة واصبحت المواقف في حالة شد وجذب وتباين وتشظي إلى حد بعيد.

مؤخراً صيغت وثيقة سياسية التفت حولها أحزاب وتبرأت منها احزاب وتضررت منها احزاب أخرى ومثل تعاطي القوى ومواقفها من ذات الوثيقة أحد ملامح الربكة السياسية التي تسود المشهد في الوقت الحالي وطفت على السطح تفاصيل كثيرة بشأن الوثيقة والبعض ينفي ويتنصل والبعض الآخر يتبرأ من الفاعلين فيها ومن علاقتهم بمواقف الاحزاب التي ينتمون لها.

والوثيقة اشبه بالصفقة السياسية وتوفر حالة من الشعور بحدوث توافق سياسي حتى وإن كان شعوراً غير حقيقي. وتصريحات بعض السياسيين انفسهم اسهمت كثيرا في ابراز هذا المشهد على الساحة السياسية فحينما تقابل قيادية بارزة في الحزب الشيوعي الحديث عن اطلاق سراح معتقلين من قوى الحرية والتغيير بابداء رغبة في محاكمة هؤلاء المعتقلين وتنفي عنهم صفة المعتقل السياسي تكون قد اربكت المشهد بموقف اقرب للمراوغة السياسية.

والتوترات غير خافية وسط بعض السياسيين وتبادل الاتهامات وماتتناقله المجالس من مشادات كلامية وتبادل للاتهامات ومواجهات فيما بينها بسبب بعض المواقف أو المشاركات التي يرى الآخر بانها تخصم من الرصيد السياسي للحزب الآخر..

بعض ملامح هذه الربكة تظهر في مواقف القوى الحاكمة وحديثها المتكرر عن اعلان حكومة جديدة دون تفاصيل عن كيفية تجاوز الخلافات بين القوى السياسية حول هذه الحكومة والربكة ماثلة في اهداف ماوراء هذه الحكومة..

كثير من المواقف التي تشير بوضوح الى أن الساحة السياسية السودانية تشهد ربكة (شديدة) بعض المواقف الغريبة لبعض الاحزاب، وداخل الدولة تشكل اطراف بعينها علاقة اصيلة في الازمة ومسبباتها وكذلك ماتسببه بعض القرارات التي تتخذ هنا وهناك و تخلق نوعاً من الربكة ومايتردد عن تنازلات دون تحديد مقابل سياسي واضح لتلك التنازلات وجدوى تقديم مواقف بعينها للحد الذي يجعل بعض القوى السياسية في خانة المتفرج حيال الكثير من القضايا الجوهرية، ومن تلك القوى قوى داخل مكونات الحرية والتغيير وبعض الاحزاب التي كانت جزءاً من الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية.. وبعض مؤسسات الدولة و عمليات الاعتقالات التي تتم من حين لآخر ايضا تشكل جزءاً من حالة الربكة في المشهد بحجم التعقيد الذي تحدثه الاعتقالات.

بعض مواقف القوى العسكرية ايضا تحدث ربكة سياسية وتعقد بعض خطوات الحسم في بعض الملفات مثلا الموقف الذي يطرح من قبل المكون العسكري تجاه القوى المدنية وهو يخاطبها بلغة وكأنه هو نفسه ليس جزءاً من المشهد كأن يقول للآخرين توحدوا وكأنه لاعلاقة له بالازمة.. فالاجدى ان يتقدم بمبادرات تصنفه كجزء من الازمة وليس جزءاً متلقياً لان المكون العسكري ايضا هو جزء من الآخرين الذين يتحدث عنهم وجزء من الاشكاليات السياسية التي تحتاج إلى حلول وهو خطاب يشكل حالة من حالات الربكة السياسية.

هناك تشتت في المواقف السياسية وفي كثير من الاحيان تغيب المقترحات الموضوعية، وهناك الكثير من المواقف التي تمنح احساساً بعدم الجدية في ايجاد حلول للازمة السياسية لذلك تسيطر على المشهد حالة الربكة هذه.

 

عن مصدر الخبر

الحراك السياسي