السودان الان السودان عاجل

مساع لإخراج البلد من دائرة العنف..مجلس السيادة في السودان يسعى لتشكيل حاضنة مدنية تؤمن سلطته

السودان يشهد منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية تطالب بحكم مدني ديمقراطي كامل.

الخرطوم – ظل المكون العسكري بمجلس السيادة الحاكم في السودان من دون حاضنة مدنية سياسية منذ الإطاحة بتحالف قوى الحرية والتغيير في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.

ومع استمرار الأزمة السياسية وعدم تشكيل حكومة واختيار رئيس لها، يسعى العسكريون في المجلس لتكوين حاضنة مدنية جديدة.

ويطمح العسكريون إلى تحقيق هذه الغاية عبر حوار شامل مع قوى متعددة للوصول إلى رؤية موحدة لاستكمال الفترة الانتقالية وصولا إلى إجراء الانتخابات.

وهم يأملون في تشكيل تحالف سياسي جديد يخرج البلد من دائرة العنف والخلافات ويجنبه الفوضى، في ظل حراك احتجاجي مستمر بالشارع ووضع اقتصادي متدهور.

خالد عبدالعزيز: هناك ترتيبات لإعداد ميثاق سياسي يخلق اصطفافا جديدا

ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية تطالب بحكم مدني ديمقراطي كامل.

ويرفض المحتجون إجراءات استثنائية اتخذها في ذلك اليوم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وأبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

وقبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش منذ الحادي والعشرين من أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.

وكان يُفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة الجيش وقوى مدنية (الحرية والتغيير) وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.

ويتكون مجلس السيادة الجديد، الذي عينه البرهان في الحادي عشر من نوفمبر الماضي، من 5 شخصيات عسكرية و5 أعضاء مدنيين على توافق مع العسكريين ويمثلون أقاليم البلاد المختلفة.

ويقود البرهان تحركات، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لتكوين حاضنة سياسية مدنية بديلة.

والتقى البرهان في الثلاثين مارس الماضي مع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، أحد أقطاب الحركة السياسية بالسودان، محمد عثمان الميرغني، في مقر إقامته بالعاصمة المصرية القاهرة.

وأعرب البرهان عن أمله في عودة الميرغني إلى السودان لـ”المساهمة في جمع الصف الوطني والخروج بالبلاد إلى بر الأمان”.

ودعا القوى الوطنية إلى “التوافق ونبذ الفرقة والشتات من أجل وطن ديمقراطي يسوده السلام والاستقرار”.

وفي السابع عشر من أبريل الجاري شهدت الخرطوم اجتماعا ضم قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني)، وتحالف نهضة السودان.

كما ضم الاجتماع المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة (قبلي)، وتنسيقية شرق السودان، وكتلة القوى المدنية، وكتلة الإدارة الأهلية والطرق الصوفية والقوى المجتمعية.

وقال المتحدث باسم الحرية والتغيير (التوافق الوطني) محمد زكريا، في بيان، إن الاجتماع أكد “أهمية توحيد المكونات السياسية والمدنية والمجتمعية، والعمل لبناء كتلة تاريخية من القوى المدنية والسياسية والكفاح المسلح (حركات مسلحة)”.

وتابع “على أن تكون هذه الكتلة بتمثيل عادل للإدارة الأهلية والطرق الصوفية والمرأة ولجان المقاومة (نشطاء)”.

عبدالفتاح البرهان يدعو القوى الوطنية إلى “التوافق ونبذ الفرقة والشتات من أجل وطن ديمقراطي يسوده السلام والاستقرار”

وشهدت قوى الحرية والتغيير انقساما منذ سبتمبر 2021 إلى جناحين هما: قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وهو الائتلاف الحاكم السابق، وقوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) التي تساند المكون العسكري في مجلس السيادة.

وتضم قوى “المجلس المركزي” أحزاب الأمة القومي، المؤتمر السوداني، التجمع الاتحادي، والبعث العربي الاشتراكي، فيما يضم “التوافق الوطني” حركات مسلحة أبرزها: تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي وهو حاكم إقليم دارفور، والعدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وهو وزير المالية.

ويقول المحلل السياسي خالد الإعيسر إنه “يوجد توافق عريض يضم أحزابا ومكونات مجتمعية وشخصيات وطنية على ضرورة إنقاذ البلاد عبر منصة توافق وطني وترتيبات جديدة”.

وهذا ما أكده أيضا الكاتب والمحلل السياسي خالد عبدالعزيز “هناك ترتيبات لإعداد ما يطلق عليه الميثاق السياسي لخلق اصطفاف جديد”.

وأوضح عبدالعزيز أن هذا الاصطفاف “يضم القوى السياسية والاجتماعية الداعمة لحكم المؤسسة العسكرية، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام 2020”.

وتابع “كما يضم قوى سياسية تضررت من ثورة ديسمبر (2018 ضد البشر)، وهي أحزاب كانت متحالفة مع نظام البشير، وهي قوى الحوار الوطني وضمنها الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل”.

وبشأن التحديات أمام هذه الترتيبات، قال عبدالعزيز إن أبرزها هو “استمرار التظاهرات المقاومة، والوضع الاقتصادي، و(حزب) المؤتمر الوطني (الحاكم السابق) والصراع بين الجيش والدعم السريع على احتكار السلطة”.

و”الدعم السريع” هي قوات تابعة للجيش يقودها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ومن التحديات أيضا “مدى فعالية هذا التحالف شعبيا على أرض الواقع ليكون سندا سياسيا حقيقيا للعسكر في مواجهة المعارضة السياسية والشبابية وتحقيق الرضا الشعبي”.

 

عن مصدر الخبر

جريدة العرب اللندنية